الإنتفاضة بقلم: ” محمد السعيد مازغ”
في قلب المدينة القديمة بمراكش، تتعرض ساحة جامع الفنا، المصنفة تراثًا شفهيًا عالميًا، لاختلالات متزايدة تهدد هويتها التاريخية والثقافية. فالفوضى التي زحفت على الساحة لم تعد تقتصر على مظاهر الاكتظاظ، بل امتدت إلى ممر الأمير مولاي رشيد، المعروف بـ”البرانس”، أحد الشرايين الحيوية التي كانت تعج بالحركة والتنوع السياحي والتجاري. اليوم، صار هذا الممر محاصرًا من جهتين: عربات العصير المصطفة بشكل عشوائي في المدخل جهة بنك المغرب سابقاً، والحواجز الإسمنتية من جهة فندق التازي . أما داخل الساحة، فباتت مختلف السلع تعرض بما فيها الأجهزة المنزلية المستعملة، كما تحتل الساحة دكاكين متنقلة، في مشهد يُشوّه الطابع التراثي للمكان ويُربك النشاط التجاري المنظم، حيث يشتكي التجار النظاميون من منافسة غير عادلة وتراجع في الرواج. كل ذلك وسط غياب واضح للتخطيط وارتباك في تدبير الفضاء العمومي، رغم وجود تجارب ناجحة في أحياء مجاورة مثل باب دكالة، حيث أسفرت تدخلات باشا المدينة عن تنظيم محكم للملك العمومي، بالإضافة إلى جهود قائدي مقاطعتي جامع الفنا ورياض الزيتون في تحرير الواجهات التجارية وتنبيه المخالفين.
ورغم هذه التحركات الإيجابية، تبقى ساحة جامع الفنا – برمزيتها وتاريخها – في حاجة ماسة إلى تدخل حازم يعيد إليها هيبتها وتنظيمها، ويصون طابعها السياحي والثقافي الفريد.
ومن هنا، يُلتمَس من باشا المدينة، المعروف بكفاءته وفعاليته الميدانية، أن يُوَلي عناية خاصة لهذا الفضاء الرمزي، عبر إعادة تنظيم الأنشطة التجارية داخله، وضمان التوازن بين حرية الكسب واحترام جمالية المكان، حتى تستعيد ساحة جامع الفنا بريقها الذي يليق بتاريخها ومكانتها العالمية.
التعليقات مغلقة.