الانتفاضة/ ابراهيم ابن الحوز
في عالمٍ يموج بالتحديات الصحية وتزايد الحاجة إلى الأطباء الأكفاء، يبرز اسم الدكتور مولاي عبد المالك المنصوري كأحد أبرز الشخصيات الطبية في المملكة المغربية. هو ليس مجرد طبيب أو جراح، بل هو رمز للتفاني والإخلاص في خدمة المرضى، وواحد من الرواد الذين وضعوا صحة المواطن المغربي في صميم اهتماماتهم، مقدمًا نموذجًا يُحتذى به في الكفاءة المهنية والإنسانية.
ولد الدكتور المنصوري في مدينة مراكش، وترعرع في أسرة عرفت عنها القيم العلمية والأخلاقية، حيث غرس فيه والده، الفقيه المعلم سيدي عبد العزيز المنصوري، حب التعلم وروح المسؤولية تجاه الآخرين. ومنذ بداياته الدراسية، أظهر شغفًا بالعلوم الطبية، فاختار دراسة الطب والجراحة بكلية الطب والصيدلة، متسلحا بالمعرفة والمهارة التي أهلته ليصبح طبيبًا متميزا وجراحا بارعا.

لقد تميز الدكتور المنصوري خلال مسيرته المهنية بقدرته على الجمع بين العلم والتطبيق العملي. فقد شغل مناصب مهمة في وزارة الصحة، حيث تقلد منصب مندوب الصحة في عدة أقاليم، بما فيها الحوز والرحامنة ، وعمل بلا كلل على تطوير المستشفيات وتعزيز جودة الرعاية الصحية. وكان دائما حريصا على إيصال العناية الطبية لكل محتاج، بعيدا عن أي اعتبارات أخرى، مكرسا حياته لإسعاد المرضى وتخفيف معاناتهم.
وخلال جائحة كورونا المستجد (كوفيد-19)، برز الدكتور المنصوري كأحد أعمدة الصحة العمومية في المغرب، حيث أشرف على تنسيق الاستجابة الصحية في الأقاليم التي كان مسؤولا عنها. لم يقتصر دوره على الإدارة، بل كان حاضرًا في الصفوف الأمامية، يشرف على المستشفيات الميدانية، ويوجه فرق الأطباء والممرضين لتقديم الرعاية للمصابين، مع الحرص على تطبيق البروتوكولات الصحية بدقة لحماية المواطنين والعاملين في القطاع الصحي.

كما تجلت قدراته القيادية وإنسانيته خلال زلزال الحوز، حيث كان حاضرا على الفور لتنسيق جهود التدخل الطبي، تنظيم فرق الطوارئ، وتقديم الدعم الصحي والإغاثي للمتضررين. عمل الدكتور المنصوري بلا هوادة لضمان وصول المساعدات الطبية والمواد الأساسية إلى المتضررين، مؤكدا أن الخدمة الإنسانية لا تعرف حدودًا، وأن حياة الإنسان فوق كل اعتبار.
ولا يقتصر تميز الدكتور المنصوري على الجانب الإداري، بل يمتد إلى الجانب الأكاديمي والعلمي. فهو أستاذ بكلية الطب والصيدلة بمدينة العيون، حيث يساهم في تخريج أجيال من الأطباء المؤهلين، مزودين بالمعرفة والخبرة اللازمة لمواجهة تحديات الصحة الحديثة. كما أشرف على تنظيم مؤتمرات طبية وجراحية دولية، منها المؤتمر الأول لجراحة القولون والمستقيم بمدينة العيون، مؤكدًا بذلك دوره الريادي في النهوض بالممارسة الطبية في المملكة.

ويشتهر الدكتور المنصوري بين زملائه وطلابه بصفاته الإنسانية النادرة؛ فهو طبيب الفقراء، الذي لم يتردد يومًا في تقديم الرعاية للمرضى المحتاجين، حتى في أصعب الظروف. وقد أصبح اسمه مرادفًا للصدق، والإخلاص، والشجاعة المهنية، لما يظهره دائمًا من حرص على تطبيق المعايير العلمية بدقة، ومواجهة التحديات بحكمة وحزم.
إن الإنجازات التي حققها الدكتور مولاي عبد المالك المنصوري لم تكن وليدة الصدفة، بل هي نتيجة جهد متواصل، وإرادة صلبة، ورغبة صادقة في خدمة وطنه. فهو اليوم قدوة للأطباء الشباب، ومصدر إلهام لكل من يسعى لتقديم خدمات صحية عالية الجودة بروح إنسانية صادقة. وفي زمنٍ تتزايد فيه التحديات الصحية والكوارث الطبيعية، يثبت الدكتور المنصوري أن الطب ليس مجرد مهنة، بل رسالة سامية تتطلب قلبًا رحيمًا وعقلًا متوقدًا، وأن الإخلاص في خدمة الوطن والمواطن هو أعلى أشكال العطاء.