الانتفاضة // شاكر ولد الحومة
هو ابن الحوز، (زيادة وخلوق)، شاب يافع وفي مقابل العمر، ابتلاه الله بفقدان والديه في زلزال الحوز الأليم، وعاش أصعب لحظات حياته، لكن حكمة الله أرادت أن ينتقل عبد الرحيم من زلزال الحوز الأليم إلى زلزال البيرنابيو السعيد، حيث تم استقباله استقبال الأبطال و آووه واكرموه وفرحوا به وجعلوه إبنا لهم.
أتصور لو بقي “عبد الرحيم” في المغرب بعد تداعيات الحوز، من سيقبل به؟، من سيأويه، ومن سيهتم لأمره أصلا في بلاد تتنكر لأبنائها للأسف الشديد.
هل أخنوش الذي جعل من ضحايا الحوز ورقة إنتخابية؟
هل بنت الصالحين التي إهتمت بمصالحها الشخصية ونسيت ضحايا الحوز الذين يتألمون ويعتصرهم الألم؟
هل الحكومة الفاشلة؟
لا أحد، ولو ظل الطفل هنا في هذه البلاد لكان مصيره “إما يشد الحيط فحالو فحال عدد من شباب المغرب”، أو يتعاطى للبلاوي التي تنتشر بين الشباب، كانتشار النار في الهشيم.
و في بلاد كالمغرب، بلاد الخير والخمير ولكن لا يستفيد منها إلا من ولدوا وفي أفواههم ملاعق من ذهب.
أما الفقراء والمعوزون والمحتاجون و (البوفرية) فلهم الله تعالى.
فمن أين استقى هذا الفتى تلك الكاريزما المدهشة؟
صفات كهذه تُعلَّم عادةً للأمراء وأبناء الملوك، غير أنّه خرج من أفقَر مناطق المغرب المنسي ليقف في الملعب شامخًا، ودخل أرضية الميدان كما لو كان “بيرلو” أو “زيدان”، وكأن له عشرين عامًا من الخبرة في البرنابيو.
خطواته كانت واثقة، وابتسامته خفيفة، لا تنم عن انبهار أو فرحة مبالغ فيها، و حتى عند لحظة المصافحة لم يمر على الجميع، بل إختار أن يصافح بعض اللاعبين وعلى رأسهم “مبابي”.
أما أسلوبه في تحية الحكم، فكان راقيًا بامتياز، وطريقته في رفع يديه للجمهور أظهرت رزانة وهيبة أكبر من عمره، رحم الله والديه اللذين ربّياه على التوقير، والثبات، وحُسن الأدب.
بقي أن نقول شكرا لغيرنا الذي يهتم بنوابغنا ويحولونهم الى فاعلين ومؤثرين وسادة المجتمع، عوض مسؤولينا الذين “كون لقاو كون يشعلو فيك العافية الله يستر”.