مراكش… البهجة التي أكلها الصدأ

0

الانتفاضة

في مراكش، المدينة التي كانت تنبض بالحياة، أصبح الصمت سيّد الموقف، والهمّ خبرا يوميًا يتقاسمه الناس في المقاهي، وحتى في زوايا الأزقة. اللي كان كيقول “آش خصك العريان؟”، ولى هو نفسه العريان، كيسوّل وما لاقي ما يجاوب.

اجتماعيًا، الكرامة أصبحت حلمًا مؤجلًا. شاب في الثلاثين، يحمل شهادة جامعية معلقة على الحائط، ووالدته تسأله كل يوم: “واش لقيتي شي خدمة؟”. الجواب؟ تنهيدة وهزّة كتف. في مراكش اليوم، “اللي ما عندوش كتاف، يضربها بالرجلين”. التعليم عليل، والصحة تختنق، والمواطن يُترك وحيدًا في مواجهة يومه.

اقتصاديًا، السياحة التي كانت الشريان، تحوّلت إلى سراب. الربح للقلة، والحكرة للغالبية. أسعار السكن نار، والخضر والفواكه أغلى من الكرامة. المواطن يصرخ: “درت السوق، جبت والو، وفلوسي طارو مع الريح”، بينما تُقام المهرجانات وتُرفع الشعارات باسم “الوجه الحضاري”… والوجه الحقيقي يبكي في صمت.

سياسيًا؟ صمت مطبق، ووعود خاوية. المواطن يسأل: “فينك يا اللي انتخبناك؟”، والجواب: لا شيء. الوعود كانت فقط “كلام ليل يمحوه النهار”. “اللي شبعان ما يحسّ بالجوعان”، والسياسي في قاعة مكيفة، بينما المواطن تحت شمس مراكش الحارقة ينتظر فرصة، أو حظًا، أو معجزة.

المراكشي اليوم يعيش في سجن المعاناة… سجن بلا قضبان، يركض فيه خلف عمل، يبحث عن بصيص أمل، ينتظر إفراجًا لا يأتي.
تائه بين الأمس والغد، خائف من المجهول، يعيش اليوم ويحمد الله فقط لأنه مرّ بسلام.

مراكش لم تعد تفرح، بل تتألم بصمت. مدينة أرهقها التجميل الزائف، وفضحها واقعها المُهمل. “اللي قال ليك مراكش بخير، سولو: ساكن فين؟ وخدام شنو؟”، لأن من يذوق العيش الحقيقي، يعرف أن لا شيء على ما يُرام.

فهل سنبقى ننتظر المعجزة؟
أم آن الأوان لنقول بصوت واحد: “باركا… بغينا نزيدو القدّام بحق، ماشي بالشعارات!”

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.