فاتح ماي… هل يكون فاتحة خير على المتقاعدين؟

عيد بايةحال عدت يا عيد

الإنتفاضة 

محمد السعيد مازغ 

          في كل عام، يطلّ علينا فاتح ماي محمّلًا بالشعارات والاحتفالات، تتعالى فيه الزغاريد، وتُقرع الطبول، وتُعزف أنغام الساكسفون احتفاءً بعيد الشغل. مشاهد الفرح والأمل تملأ الساحات، وتغمر بعض العمال والعاملات الذين ما زالوا يحملون في قلوبهم شيئًا من الرجاء.                                   
لكن في زاويةٍ أكثر صمتًا، هناك من اختاروا الغياب، أو اختبأوا خلف جدران اللامبالاة: إنهم المتقاعدون، الذين خَبِروا مرارة الوعود المنكوصة، وتوالت على ظهورهم حكومات اكتفت بتكريمهم بالكلمات، وتناستهم في السياسات.                 كثيرٌ من المتقاعدين اليوم يعيشون على هامش الحياة، وقد أثقلت كواهلهم الأمراض المزمنة، والغلاء الفاحش، وتجميد المعاشات منذ أكثر من عقد من الزمن. صاروا يعانون في صمتٍ لا يقطعه سوى أخبار “الزيادات” التي لا تكفي حتى لاقتناء قنينة غاز، فبالأحرى تسديد فواتير الماء والكهرباء، أو ضمان الحد الأدنى من تمدرس الأبناء والعيش الكريم.            وحتى لا نقع في مقارنة ظالمة، يصعب علينا أن لا نلتفت إلى متقاعدي الخارج، الذين يُنعم عليهم بالحقوق والرعاية، وتُمنح لهم فرص التمتع بالحياة بعد التقاعد في أجواء تليق بمن أفنوا عمرهم في خدمة بلدانهم. فضاءات للترفيه، دعم نفسي، رعاية طبية، ومكانة اجتماعية محفوظة. أما هنا، فالأمراض تحاصر، والضغوط تزداد، واليأس يتفاقم حتى سمعنا مؤخرًا عن حالات انتحار مؤلمة، ليست إلا نتيجة مباشرة للتهميش والإقصاء.                     ورغم قتامة الصورة، يظل الأمل ممكنًا. نأمل أن يحمل فاتح ماي لهذا العام بشرى حقيقية، لا شعارات مؤقتة. أن تُبادر الحكومة الحالية إلى اتخاذ قرارات شجاعة ومنصفة تعيد الاعتبار لهذه الفئة المنسية، وتفتح أمامها أبواب الكرامة والحياة الإنسانية. 

              فهل يكون فاتح ماي هذا العام فاتحة خير وبركة، وموعدًا مع الفرج المنتظر؟

التعليقات مغلقة.