“رجع أش ديتي و سير فحالك” شعار محاكمة المدير السابق للموارد بجهة مراكش في ملف غسيل الأموال

الانتفاضة/ شاكر ولد الحومة

قضت ابتدائية مراكش، يوم الخميس 28 نونبر الجاري، بمؤاخذة “ح.ر” (54 سنة) المدير السابق للموارد بجهة مراكش ـ آسفي، و “م.ع” (45 سنة)، المقاول و عضو مجلس جماعة “البروج” بإقليم سطات، بتهمة غسل الأموال، و معاقبة كل واحد منهما بسنة واحدة حبسا موقوف التنفيذ و غرامة نافذة قدرها 20000 درهم مع الصائر و الإجبار في الأدنى، و المصادرة الكلية للممتلكات والعائدات المتحصلة من النشاط الإجرامي المذكور بالنسبة للمدير السابق باستثناء الفيلا المملوكة مناصفة مع زوجته “ب.ر” (54 سنة)، و إرجاع القيمة المعادلة لذلك، بالنسبة للمقاول، لفائدة الخزينة العامة.
بينما قضت نفس المحكمة، بعدم مؤاخذة باقي المتهمين، و يتعلق الأمر بزوجته، و ابن شقيقته، “أ.ن” (29 سنة)، و خطيبته، “ش.ب” (27 سنة)، و والدتها، “ف.آ” (43 سنة)، و شقيقتها، “س.ب” (21 سنة)، من أجل ما نسب إليهم و التصريح ببراءتهم منه و تحميل الخزينة العامة الصائر، و برفع العقل عن الأموال العقارية و المنقولة و حساباتهم البنكية ما لم تكن محجوزة لسبب آخر.
وجاءت متابعة المدير السابق للموارد بجهة مراكش ـ آسفي، على إثر انتهاء الأبحاث الأمنية التي أجرتها الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بولاية أمن مراكش بتعليمات من وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط، للاشتباه في ارتكابه جريمة غسل الأموال، على خلفية متابعته بجنح تتعلق ب”حيازة واستهلاك المخدرات، الارتشاء، الحيازة غير المبررة للمخدرات” واستغلال النفوذ”.
حيث تم اعتقاله وهو يتسلم من مقاول 9 غرامات من الكوكايين قرب الباب الخلفي لمقر أكبر جماعة ترابية بالجهة بحي سيدي يوسف بن علي، شرعت بعدها ابتدائية مراكش، في محاكمته في حالة سراح، بمعية زوجته و خطيبته و والدة هذه الأخيرة و شقيقتها و ابن أخته و زوجته، بالإضافة إلى المقاول “م.ع”، عضو مجلس جماعة “البروج”، بجنحة غسل الأموال، المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصول 574/1، و 574/2، و 574/3 من القانون الجنائي.
وسبق لوكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بمدينة الرباط، المختص في قضايا غسل الأموال، أن أعطى تعليماته لرئيس الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بمدينة مراكش، من أجل فتح بحث قضائي في هذه القضية والبحث في الجوانب المحيطة بالموضوع ذات الصلة بقانون غسيل الأموال من خلال جرد الممتلكات المشتبه في كونها متحصلة من أهداف غير مشروعة تشكل إحدى الجرائم الخاضعة والعمل على عقلها لفائدة البحث.
وخلصت الأبحاث الأمنية في هذه القضية، الى أن تصريحات المشتبه به التي وردت في معرض سرده لممتلكاته ومنقولاته وتلك الخاصة بأسرته الصغيرة، وبالمنزل الثاني الذي يفتحه لفائدة “ش- ب” (خطيبته)، وكذا المعاينات التي تمت أثناء التفتيش، وسفرياته إلى وجهات من قبيل دول أوربا وأمريكا اللاتينية، أكدت بأن المعني بالأمر يعيش في رفاهية كبيرة وفي بذخ لا يتناسبان مع وضعه كموظف عمومي وأجره الشهري.
وكشفت فرقة محاربة المخدرات، في تقريرها، ”مما يطرح التساؤل حول مصدر تمويله لهذا النمط من العيش المترف، خاصة و أنه أكد بأنه غير مدين لأحد، كما أن الأقساط التي موّل بها اقتناء مجموعة من العقارات كانت تُؤدى في مدد وجيزة، دون أن يكون مستفيدا من أي تمويل بنكي”.
لائحة الممتلكات والمنقولات تشمل ضيعة فلاحية وشققا فاخرة وأسطول سيارات فارهة في ملكية المدير السابق و زوجته و ابنه و خطيبته. ليس ذلك فحسب، فقد كشف البحث المالي بأنه كان عضوا باللجنة التي أسندت لشركة تساهم فيها زوجته بحوالي 25% من الحصص بعقود تتجاوز 600 مليون سنتيم. كما أماط اللثام عن إيداع مبالغ مالية وتحويلات من مقاولين في الحسابات البنكية للمدير وزوجته وخطيبته.
وإذا كان البحث المالي في حق شقيقي المدير لم ينتج أي أدلة عن امتلاكهما لأي ثروة يشتبه من خلالها في ضلوعهما معه في جريمة غسل الأموال، فإنه خلص، في المقابل، إلى تورط المتهمين الخمسة المذكورين، إلى جانب المقاول/المستشار الجماعي والمدير السابق.
كشفت الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بمراكش بعد البحث القضائي التمهيدي المنجز من طرفها عن عدة معطيات خطيرة، أملاك ومنقولات زوجة المدير، وردها على استفسارات الضابطة القضائية حول مصدر تمويل اقتنائها.
تناول البحث مع زوجة المدير “ب.ر” (54 سنة) الاستفسار عن مصدر تمويلها اقتناء عقارات ومنقولات، تتعلق بضيعة فلاحية بجماعة “السويهلة” مساحتها هكتار واحد اقتنتها، في 2018، بـ46 مليون سنتيم، و فيلا تملكها مناصفة مع زوجها، و بقعة أرضية عارية مساحتها 80 مترا مربعا بمنطقة “لمحاميد” اقتنتها بمبلغ 593.527 درهما (أكثر من 59 مليون سنتيم) تم أداؤه خارج أنظار الموثق، بالإضافة إلى سيارة م نوع “بورش” اشترتها، سنة 2022.
وقد أجابت هذه الأستاذة الجامعية، المنحدرة من أسرة ميسورة بقصبة تادلة، بأن زوجها هو من أدى ثمن الضيعة الفلاحية وهو من موّل تجهيزها من خلال بناء مسكن ومسبح فيها، وأن دورها اقتصر على توقيع عقد التنازل عن التصرف كون الضيعة تدخل ضمن الأراضي السلالية، مشيرة أنها اكتفت بأداء 12 مليون سنتيم كمصاريف لتسوية الوضعية القانونية للضيعة لدى وزارة الداخلية.
كما أكدت بأن زوجها هو من أدى القسط الأكبر من ثمن بقعة “لمحاميد”، فيما اكتفت هي بالمساهمة ببعض المبالغ دون أن تحدد قيمتها، كما صرحت بأن زوجها هو من موّل اقتناء سيارة “البورش”، التي صرحت بأن كلفتها 115 مليون سنتيم دون احتساب عمولة الوسيط، في حين سلمته هي فقط 10 ملايين سنتيم وسيارتها السابقة، من نوع “رونج روفر”، التي قالت إنها اشترتها، سنة 2019، بـ38 مليون سنتيم، ساهم فيها زوجها بـ23 مليون سنتيم.
وعن إيداعها مبالغ نقدية بلغ مجموعها 134 مليون سنتيم، عبر 4 دفعات، في حسابها البنكي بين 20 مارس 2018 و10 غشت 2020، أجابت بأن زوجها هو من سلمها إليها لتمويل شراء عقار تم تسجيله باسم ابنيهما. وعن تحويل بمليوني سنتيم وآخر بـ12 مليون سنتيم أودعه زوجها بحسابها، صرحت بأنه جزء من دين أقرضته إياه.
أما بخصوص شيك بنكي من مقاول يدعى “م.ن.س”، وكمبيالة بقيمة 3 ملايين سنتيم من المقاول والمستشار البرلماني “ح. ش”، فأجابت بأنها لا تعرفهما، مرجحة بأن يكونا من معارف زوجها.
وبخصوص مصدر تمويلها لاقتناء 2300 حصة من شركة بـ23 مليون سنتيم، و أسهم بمصحة مشهورة وطنيا بـ5 ملايين سنتيم، صرحت بأنها مولت ذلك من مدخرات أجرتها الشهرية كأستاذة جامعية، و التي قالت إنها تناهز 15 ألف درهم، و من مدخولها من الساعات الإضافية، التي قالت إنها تدر عليها مليون سنتيم شهريا، إذ أدلى دفاعها للمحكمة بوثيقة تفيد بأن مداخيلها الشهرية الإجمالية تصل لحوالي 3 ملايين سنتيم.
وقد تم استفسارها عما إذا كانت سلمت زوجها أية مبالغ من الأرباح التي تحققها الشركة التي تعد شريكة فيها بـ2300 حصة من أصل 10 آلاف سهم، خاصة و أن الشركة سبق لها و أن فازت بعدة عقود مبرمة مع مجلس جهة مراكش في إطار القانون العادي، فاقت قيمتها 600 مليون سنتيم، علما بأن زوجها كان ضمن أعضاء اللجنة التي أسندت العقود للشركة المذكورة.
وقد أشار البحث إلى أن عضوية المدير السابق باللجنة جعله “أمام شبهة تلقي فائدة شكلت موضوع بحث قضائي تمهيدي أُنجز من طرف الفرقة ذاتها، تنفيذا لتعليمات الوكيل العام بمراكش، بتاريخ 27 دجنبر 2023″، وهو البحث الذي أحيلت نتائجه على الوكيل العام، بتاريخ 20 مارس الماضي”.
وقد صرحت بأن زوجها لم يكن يعلم باقتنائها لحصص الشركة، كما نفت أن تكون سلمته أي مبالغ مالية من أرباحها، مرجحة ذلك إلى أنها لم تتلقى أصلا أي أرباح منها، منذ شراء الحصص في 2017، مرجعة ذلك إلى أن الشركة “كانت تواجهها ديون، ناهيك عن تأثرها بجائحة كوفيد”.
وعند استفسارها حول ما إذا كان زوجها يمارس أي أنشطة تجارية تدر عليه دخلا، نفت علمها بذلك. وأضافت أنها تجهل مصدر المبالغ المالية التي موّل بها شراء العقارات والمنقولات، سواء تلك المسجلة باسمه أو المسجلة باسمها واسم ابنيهما، مؤكدة أن شريك حياتها يتقاضي راتبا شهريا قدره 3 ملايين سنتيم من عمله كموظف بالجهة.
في سياق البحث الذي كان جاريا في إطار قانون مكافحة غسل الأموال، استمعت الضابطة القضائية لـ”خ.أ” (59 سنة)، مسيرة شريكة بالشركة المذكورة، التي صرحت أنها تأسست في فاتح يوليوز 2014، و متخصصة في الأسفار و الإطعام، و يصل رأسمالها لـ100 مليون سنتيم، كما أكدت بأنها على معرفة بالمشتبه فيه بحكم فوز الشركة بمجموعة من الطلبيات العمومية من مجلس الجهة.
وبخصوص ثلاثة شيكات بقيمة إجمالية تبلغ 174637 درهما (أكثر من 17 مليون سنتيم) تخص المشتبه به استخلصتها الشركة، بتواريخ: 13 غشت 2018، و19 شتنبر، و22 نونبر من السنة نفسها، صرحت بأن الشركة سبق لها وأن تكلفت بحجز سفريات له داخل و خارج المغرب.
وقد صرح المدير السابق، تمهيديا، أنه هو من عرّف زوجته على مسيرة الشركة خلال تنظيمها لإحدى سفرياته مع عائلته.
وعن تفسيره لفوز الشركة، التي تعتبر زوجته شريكة بها، بصفقات من مجلس الجهة، أجاب بأنها كانت تفوز بالصفقات والعقود المبرمة في إطار القانوني العادي في احترام لمرسوم الصفقات.
ثم أعادت الفرقة استفساره: “من خلال جميع المعطيات أعلاه، يشتبه في كونك أنك المالك الحقيقي لحصص زوجتك الـ2300 بالشركة، و أنك تتلقى فوائد من العقود التي تفوز بها من مجلس الجهة و تعمل على غسلها عن طريق اقتناء عقارات و منقولات سجلتها باسمك و باسم ابنيك و زوجتك و خطيبتك و قريبك.. ما ردك على هذا التصريح؟”.
ليرد المدير بأنه يصر على تصريحاته السابقة، وبأن ليس لديه ما يضيفه بهذا الخصوص. ونفى علمه بتملّك زوجته لحصص بالشركة أو حصوله على أية أرباح من العقود والصفقات التي فازت بها. وأضاف أن الشركة التجارية المذكورة كانت تفوز بعقود مبرمة في إطار القانون العادي من مجلس الجهة، منذ سنة 2011، قبل أن يواجهه المحققون بنسخة من السجل التجاري للشركة التي تبين بأنها تأسست في 2014، ليعود ويصرح بأنه كان يقصد بأن مسيرتها هي من كانت تفوز بعقود عن طريق شركة أخرى.
وفي إطار البحث المجرى في قضية غسل الأموال، على خلفية قيامه بإيداع مبالغ مالية مهمة وصلت إلى 42 مليون سنتيم بحسابي الخطيبة.
فقد صرح السائق السابق لمدير الموارد أنه يعرف جيدا “ش.ب”، التي قدمها له “ح.ر” على أنها زوجته، و كان يكلفه بأداء مجموعة من الخدمات لفائدتها، قبل أن يعرض عليه المحققون كشوفات حسابيها البنكيين، تفيد إيداعه المبلغ المذكور، عبر 4 دفعات، في أقل من 8 أشهر، من 7 ماي 2021 إلى 27 دجنبر من السنة ذاتها، بل إنه أودع في يوم واحد (7 ماي 2021) مبلغين: 10 ملايين سنتيم و 5 ملايين سنتيم، بالحساب نفسه. كما أودع 7 ملايين سنتيم في دفعتين بالحساب الثاني، في ظرف عشرة أيام، من 21 يناير 2020 إلى 31 من الشهر نفسه.
وقد أكد السائق بأن مدير الموارد السابق هو من سلّمه المبالغ وكلفه بإيداعها بالحسابين. وأضاف السائق، المنحدر من آسني بإقليم الحوز، أنه سبق وأن انتقل لوكالة بنكية بشارع “محمد السادس”، بتكليف من المدير السابق، حيث تسلم من مستخدم هناك يسمى “محمد” كيسا أبيض اللون قال إنه يحوي مبلغا يقارب 70 مليون سنتيم، وأنه وقّع على ورقة تثبت توصله بالمبلغ المذكور، والتي أكد بأنه سلمها للمدير السابق رفقة المبلغ، نافيا علمه بسياق استفادة هذا الأخير من هذا المبلغ.
وقد انتقل أحد ضباط الفرقة برفقة السائق للوكالة البنكية، وطلب من مديرتها موافاة الشرطة بجميع المعلومات المتوفرة لديها عن أحد المستخدمي بالوكالة، بين 2020 و2021، يُدعى محمد مدليا لها بأوصافه التي ذكرها السائق، ليتم عرض صور لمجموعة من الموظفين على هذ الأخير، الذي أفاد بأن المستخدم الذي سلمه المبلغ المالي ليس ضمنهم، قبل أن يقوم الضابط بجولات على مكاتب الوكالة بمعية السائق، الذي صرح بأن المسمى محمد لا يوجد بين المستخدمين الذين تمت معاينتهم. وقد تم إطلاع مديرة الوكالة على أن الفرقة ستوجه انتدابا إليها بقصد موافاتها بجميع المعلومات المتعلقة بالمبلغ المسحوب من طرف السائق، خلال الفترة نفسها.

 

التعليقات مغلقة.