الأستاذ عبد العزيز المسيوي.. برلماني من طينة الكبار ناضل من أجل السدود وخلد اسمه في ذاكرة الحوز

0

الانتفاضة/ إبراهيم السروت

يعد الراحل عبد العزيز المسيوي من أبرز الشخصيات السياسية والرياضية التي بصمت تاريخ جهة مراكش–آسفي، ورمزا وطنيا جمع بين النضال، والكفاءة، والعطاء المتواصل في خدمة الوطن والمواطن. رأى المسيوي النور في 18 يونيو 1944 بمدينة مراكش، وحصل على دبلوم الدراسات العليا في القانون والدرجة الذهبية في التسيير الرياضي، قبل أن يستقر في الدار البيضاء حيث انخرط في العمل النقابي والسياسي والرياضي مبكرا.

كان الراحل من مؤسسي الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وحزب الاتحاد الدستوري، وتولى لاحقا رئاسة العامة للحزب بعد وفاة المعطي بوعبيد وعبد اللطيف السملالي، كما شغل منصبا حكوميا مكلفا بشؤون المغرب العربي بين سنتي 1994 و1997، وعضوا في البرلمان الدولي. وداخل قبة البرلمان المغربي، اشتهر بمداخلاته الجريئة ومواقفه الثابتة، خاصة دعوته منذ سنة 1983 إلى بناء سدي واد الزات وسد واد أغدات بإقليم الحوز، إدراكا منه لأهميتهما الاستراتيجية في دعم التنمية الفلاحية وتوفير الأمن المائي للمنطقة.

واليوم، تؤكد المعطيات التقنية الخاصة باهم مشروع بجهة مراكش اسفي سد أيت زياد بالحوز — وهو امتداد لرؤيته المبكرة — أن نسبة الأشغال بلغت حوالي 97%، على أن ينجز فعليا في 31 دجنبر 2025، أي قبل الموعد التعاقدي المحدد في 31 غشت 2027 بسنتين كاملتين. هذا الإنجاز يعد ثمرة حلم طالما دافع عنه المسيوي طيلة مسيرته البرلمانية، حين كان يؤمن بأن التنمية تبدأ من الجبال والمناطق المنسية.

بعيدا عن السياسة، كان المسيوي أحد أعمدة الرياضة الوطنية، إذ شغل مناصب رفيعة منها: كاتب عام للألعاب المتوسطية سنة 1983، والألعاب العربية سنة 1985، وكأس الأمم الإفريقية سنة 1988. وكان مسؤولا عن المنتخب الوطني في عدة تظاهرات دولية، كما ارتبط اسمه بفريق الرجاء الرياضي الذي قاده نحو ألقاب تاريخية. وكان كذلك من صناع التشريع الرياضي بالمغرب، كإعداد قانون الاحتضان الرياضي، إلى جانب إسهاماته في قانون منع التدخين بالأماكن العمومية وقانون رعاية المعاقين اللذين تمت المصادقة عليهما بالإجماع.

أما في المجال الصحفي، فقد كان المسيوي من الأسماء البارزة بصفحات عدة جرائد جهوية ووطنية بالإضافة إلى عدد من المجلات الوطنية، كما ألف عدة كتب من بينها مذكرة النائب، كتاب الجهة والجهوية، وفي ذات السياق كان المسيوي من مؤسسي الجهات في المغرب، حيث حضي بانتخابه كأول رئيس جهة بجهة مراكش-تانسيفت-الحوز سنة 1997، مكرسا جهوده لخدمة الجهة والساكنة.

قال عنه الراحل محمد النصيري، أحد رفاق دربه، بأنه رجل عصامي نادر، جمع بين الثقافة القانونية والكفاءة التنظيمية والالتزام الوطني، وهي شهادة تلخص مسار رجل وهب حياته للوطن رغم معاناته الصحية، فكان يزور القرى النائية على ظهور البغال، متواصلا مع المواطنين، مستمعا لهمومهم. وقد حظي بتقدير خاص من الملك الراحل الحسن الثاني، الذي كان يكن له احتراما بالغا.

واليوم، ومع تحقيق الحلم الذي ناضل من أجله، يطالب الفاعلون السياسيون والمدنيون بالحوز بتخليد اسمه، وذلك بتسمية سد أيت زياد باسم سد عبد العزيز المسيوي، هذه المبادرة ستكون بمثابة اعتراف بتاريخ ومسار وطني نزيه، لرجل حمل هم التنمية والعدالة المجالية في جبال الحوز قبل أن تصبح شعارات متداولة وليست مجرد تكريم لشخص، إن تسمية السد باسم عبد العزيز المسيوي ستكون رسالة وفاء من الدولة والمجتمع إلى أحد أبنائها البررة، الذي آمن بأن التنمية مسؤولية جماعية وأن حب الوطن يترجم بالعمل والمثابرة لا بالشعارات.

رحم الله عبد العزيز المسيوي، ابن الوطن البار، الذي رحل بجسده بعد أن أفنى عمره في خدمة الصالح العام من خلال مسار وطني صادق جمع بين السياسة والحقوق والرياضة والتنمية، وبقي أثره شاهدا على أن الوطنية الحقة تقاس بالعطاء لا بالمناصب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.