مطارات المغرب تحت المجهر الرقمي : كيف تُعيد الهوية البصرية و إستراتيجية “مطارات 2030” رسم ملامح المستقبل ؟

الإنتفاضة

في قلب التحولات الكبرى التي يعرفها قطاع النقل الجوي بالمملكة، يقود المكتب الوطني للمطارات دينامية غير مسبوقة مع إطلاق إستراتيجية “مطارات 2030”، التي لا تقتصر على تجميل واجهات المباني أو تغيير الشعارات، بل تتطلع لوضع المطار كمؤسسة رقمية شاملة قادرة على المنافسة في السوق العالمية.

الخطوة الأولى من هذا التحول كانت الكشف مؤخراً عن هوية بصرية جديدة للمكتب، تعكس مزيجاً بين التراث المغربي من جهة و التكنولوجيا والحداثة من جهة أخرى.

عناصر الهوية الجديدة تستلهم الزليج و الأشكال التقليدية، و تضفي ألواناً تنضح بإنفتاح على السماء و الأرض، تحت شعار موحَّد يُستخدم في جميع مطارات المملكة، سواء المادية منها أو الرقمية، و التسمية الجديدة “مطارات المغرب.

تتجلى قوة هذه الإستراتيجية في إستثمار ضخم يُقدَّر بـ 12,3 مليار درهم للفترة ما بين 2025 و 2027، مخصص لرفع الطاقة الإستيعابية لمطارات كبرى مثل محمد الخامس بالدار البيضاء، الرباط‑سلا، مراكش، أكادير، طنجة، تطوان، فاس و الحسيمة. هذا المبلغ لا يُستخدم فقط لتوسعة البنى التحتية، بل ليكون رافعة لتنمية الرحلات الجوية، و تحسين الخدمات المقدمة للمسافرين.

من جهة أخرى، يعكف المكتب على التحول المؤسساتي، منها التفكير في تحويله إلى شركة مجهولة الإسم لتعزيز مرونته و إستقلاليته في التدبير، إضافة إلى إعطاء دور بارز للقطاع الخاص من خلال الشراكات، خاصة في الأنشطة التجارية بالمطارات.

لكن التحدي الأكبر يكمن في كيفية توظيف الرقمنة لتحسين تجربة الزبون : الإختبارات الأمنية، فحص الأمتعة، تدفق المسافرين، الخدمات المساعدة، المعلومة الرقمية، و الحلول الذكية للتسهيل و السرعة.

فقد أعلن المكتب أنه سيعتمد تكنولوجيا متطورة في هذا المجال، مما يسهم في جسر الفجوة بين ما هو قائم و بين ما هو متوقع من مطارات ذكية بمعايير معترف بها عالمياً.

المسافر المغربي و الدولي لن يرى الفارق غداً فحسب في الشعار الجديد أو لوحة الألوان، بل سيشهده في سرعتِه من بوابة الأمن إلى بوابة الطائرة، في وضوح المعلومات التي يُمكن الوصول إليها عبر الأجهزة الذكية، في الخدمات الفندقية و التجارية داخل المطار، و ربما أيضاً في سهولة الوصول لوجهات جديدة تربط المغرب ببقية العالم.

إذا نجحت هذه الرؤية، فإن المكتب الوطني للمطارات لا يُعيد رسم مبانيه فقط، بل يعيد رسم دوره كمحرك تنموي، كمفتاح للتواصل الإقتصادي و السياحي، و كقطب إشعاعي يربط المغرب بالمحيط الخارجي، رقميّاً و بشريّاً و ثقافيّاً. لكن الطريق طويل، و التحول الرقمي لا يُقاس بالهوية البصرية وحدها، بل بتنفيذ دقيق و مستدام يجعل من مطار محمد الخامس و غيرها نقاط إنطلاق و ليس محطات إنتظار.

التعليقات مغلقة.