الانتفاضة // إلهام أوكادير
لقد عايشنا جميعا ما شهده الشارع المغربي من إحتجاجات عقب حركة جيل “زد”، و ما حملوه من شعارات مطالبة بالاصلاح و النزاهة و تحسين الأوضاع الإجتماعية، من طرف شباب نفذ صبرهم من الأوضاع التي لا تبدو مشجعة على تحقيق الطموحات المنتظرة، والتي من شأنها أن ضمن لهم مستقبلا مشرقا و مريحا.
إن موضوعنا لهذه المقالة لا يتعلق بما حدث من إحتجاجات سلمية، ولا أعمال التخريب التي نهجها البعض من هؤلاء الشباب و هو ما لا نتفق معه ولا نقبله بتاتاً، ولا ما عمدت إليه سلطات الأمن من إعتقالات بالجملة، أبكتنا أحيانا و أضحكتنا في أحيان أخرى.إن ما نودّ الإشارة إليه في هذه المقالة، هو عمق المطالب التي طبعت هذه الشعارات، و التي تُترجم المستوى الأدنى من شروط العيش الكريم الذي لم يحققه الكثيرون، حتى بوجود شواهد جامعية و تكوينات مهنية، كان يفترض لها أن تضمن مناصب أو ما نراه كمصادر رزق، تغنيه عن الحاجة و الإحساس المقيت بالعجز و الفقر، خاصة أمام ضروريات حياتية تبدو تافهة و متجاوزة عند العديد.
إن ما عمدت إليه حركة جيل “زد”، لا يغدو سوى ما انطوى في نفوس الكثيرين من تلك الفئة الهشة، التي لطالما أنتجت خلال جلسات عائلية يائسة تحليلات ونقاشات مطولة، لا تكاد تخلو من المنطق المجتمعي إن صحّ التعبير، خاصة عندما تجرُد ما يعمد إليه بعض السياسيين و المسؤولين من إستغلال مادي و نفوذي لخدمة أنفسهم و ذويهم، أو ما يمتلكه المغرب من ثروات معدنية و فلاحية و سياحية و بحرية، من شأنها أن تضمن الحد الأدنى المعيشي لجميع الأفراد، إذ يخرجون بخلاصة مفادها، أن بلدا مثل المغرب و بالمقومات العدة التي أشرنا إلى بعضها، لا
ينبغي أن يتواجد بها فقير.كما أن الجزء الثاني لهذه المحادثات، غالبا ما يشمل تحسراً عميقاً على غفلة الملك على مثل كذا أوضاع_ على حدّ فهمهم _ متسائلين عن ما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع من تحسّن و ازدهار و عدالة إجتماعية، لو أن الملك كان المسيّر الوحيد لجميع القطاعات الحيوية، التي يُنتظر منها التأثير المباشر على جودة حياتهم، أو لو أنّ هناك تفعيل حقيقي لمبدإ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
إن هذه النقاشات التي لا يكاد يخلو منها بيت، تدلّ في مجملها على أن الشعب فقد ثقته التامة في ممثليهم السياسيين، سواء الحكوميين أو البرلمانيين، و على مدى سنوات عدة، حيث عمّق كل منهما شعور الإقصاء الممنهج، و الديمقراطية المُفرغة من شتى معانيها، في قلوب المواطنين.
إنّ عناصر الحكومات تستشعر الإنجازات من خلال الأرقام و المنجزات و الإستثمارات الكبرى و هذا أمر جيد و صحيح في المنطق السياسي و الإستراتيجي، إلا أن المواطن الذي يُفترض أن يكون الهدف الأسمى من كلّ ذلك، لا يستشعرها سوى من خلال جودة واقعه المعيشي، و ما يتمتع به من إعفاءات تسهل حياته اليومية، و ما يدعم رفاهيته و لا يثقل كاهله الضعيف، و التي تتمثل أساسا في الصحة و التعليم و فرص الشغل.
فشأتم أم أبيتم، لا يمكن أن نحقق رضا المواطن المغربي الفقير، و هو مازال يتخبط في عراقيل يومية مُؤرّقة، لا تجعله يهنأ بيوم يسير و سليم.
فما الذي تنتظرونه من فرد، يشتكي غلاء الخضر و اللحوم و الفواكه و الأسماك و السكن و النقل و الإستشفاء و التمدرس؟