أنصتوا وتحسسوا نبض الشارع

0

الانتفاضة/ ذ. محمد العبدوني خياري

العدل الاجتماعي هو مبدأ أساسي، و يسعى لتحقيق المساواة والإنصاف في المجتمع من خلال توزيع عادل للثروات والفرص والامتيازات بين جميع الأفراد، يعتمد على احترام كرامة الإنسان، وتكافؤ الفرص والتضامن المجتمعي، كما يهدف إلى إزالة الحواجز التي تعيق المشاركة الكاملة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، مع ضمان وصول عادل إلى الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية والشغل والسكن.

الا أن تحقيق العدالة الاجتماعية يعترضها مجموعة من المعوّقات من أهمّها: المحسوبيّةو غياب الحريّة وانتشار الظلم والفساد، عدم المساواة في توزيع الدخل بين المواطنين مع عدم توزيع فرص العمل بأجر يحافظ على كرامة المواطن، عدم المساوة في توزيع الموارد والممتلكات، عدم تكافؤ الفرص في تعليم جيد وخدمات صحيّة جيدة وسكن لائق والعدل، المحسوبية والزبونية في تقديم الخدمات والحصول على المناصب “فرق اللحم وشوف الوجوه”.

من خلال ما وقع ويقع من وقفات واحتجاجات يبدو أن المحتجين لديهم الوعي كي يحافظوا على وطنهم، لذلك لا ينبغي للحكومة أن تتعامل مع هاته الوقفات والمطالب الاجتماعية بشكل متعال وسلبي أوقمعي، لأن من شأن ذلك أن يغذي هذه الاحتجاجات ويدفعها نحو التوسع والعنف، إذ ليس من مصلحة أحد أن يكبر التصعيد الاجتماعي في ظل تواصل الأزمة الاقتصادية والبطالة والتضخم وارتفاع الأسعار والغليان الاجتماعي باستثناء الخلايا النائمةو من لهم نيات مبيتة ويشتغلون لصالح اجندات خارجية .

لهذا على وزارة الداخلية والجهات الأمنية ان تعيد نمط وطريقة تعاملها مع مثل هذه الاوضاع. نحن اليوم بحاجة إلى أن تغير الحكومة النهج المتبع في معالجة معضلة الأسعار ومراقبتها، نحن بحاجة إلى استراتيجية حكومية جديدة عنوانها تغيير السياسات الاقتصادية والمالية المتبعة منذ تلاث ولايات، والابتعاد عن القرارات الانتقائية والجزئية والظرفية التي لن تحل المشكل من جذوره.

لكن قبل ذلك يبقى الإنصات إلى مطالب الرأي العام، سواء عبر عنها في الشارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي أو في الصحافة، وعدم شيطنتها، وهو إنصات لا بد منه لبدء حل مشاكل المغاربة. ولعل الجهات المعنية بحاجة ماسة للإنصات لنبض الشارع من خلال المحتجين لا الاكتفاء بالاستماع لهم، لان هناك فرق مهم بين الاستماع والإنصات…. فالإنصات هو الاستماع من أجل الإفادة، و تلقي المعلومات و التركيز والفهم، ثم الاستجابة، لاسيما أن الخبرات الحقيقية لا تؤخذ من الكتب والمكاتب وكثرة الاجتماعات واللقاءات ، بقدر ما تؤخذ من ألسنة الناس. هل هناك هدف أهم من حماية الوطن من الانزلاق نحو الفوضى؟

لقد طالب المحتجون في البداية بمطالب اجتماعية برقي ومستوى عال من الوعي والولاء الوطني وشارك عدد منهم في المظاهرات بحسن نية. على الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها او تقديم استقالتها، لكن يبقى الأهم من كل هذا إيجاد آلية للخروج من مشكلاتنا بصفة دائمة .

فتغيير الأشخاص، واستبدال بعضهم مكان البعض الآخر هو صورة من صور الجراحة التجميلية والاستعراض السياسي الذي بات غير مقنع، نحن بحاجة الى استئصال ورم الاحتكار والريع وتبدير المال العام والمحسوبية والزبونية. نحن بحاجة إلى بداية جديدة عنوانها تغيير السياسات الاقتصادية المتبعة، والابتعاد عن التعيينات دون الكفاءات وسياسة “باك صاحبي” .

الإنصات إلى الشارع جزء من الحل، وهو شيء لا بد منه لبدء حل مشاكل المواطنين، نحن بحاجة الى حكومة حقيقية، ووزراء مناضلون يعيشون وسط المواطنين ويسمعون لهم بدل أن ينزلواعلينا بالمظلات، أو تتم صباغتهم ووضعهم على رأس الوزارات، لأن مثل هؤلاء لاهم لهم الا مصالحهم الشخصية ووضع أقاربهم ومريديهم وسماسرتهم في مناصب المسؤولية. لا يعقل أن يتحمل الشعب تبعات ارتجالية، و رعونة بعض الوزراء في الحكومة. لهذا أنصتوا وتحسسوا نبض الشارع!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.