الانتفاضة
يعيش المغرب منذ الاستقلال إلى اليوم على واقع تعددية سياسية لكنها لم تثمر أية نتيجة لا على مستوى التعليم ولا على مستوى الصحة ولا على مستوى الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمغاربة.
وفي هذا السياق تتداول دوائر سياسية مغلقة و”صالونات القرار” في الرباط، خلال الأيام الأخيرة، أخبارًا متواترة حول قرب الإعلان عن تشكيل حزب سياسي جديد، قد يقلب موازين الخريطة الحزبية المغربية، خاصة مع تراجع منسوب الثقة في الأحزاب التقليدية، سواء من داخل الحكومة أو المعارضة.
مصادر خاصة لجريدة “عبّر.كوم” لم تستبعد إمكانية خروج هذا المشروع السياسي إلى النور خلال الأشهر القليلة المقبلة، مؤكدة أن المشاورات جارية على أكثر من مستوى، وسط تكتّم شديد واشتغال بصمت مع جهات نافذة في المشهد السياسي والإداري المغربي.
ويتم تداول عدد من الأسماء المرتبطة بهذا المشروع الحزبي، أبرزها:
إلياس العماري، الأمين العام السابق لحـزب الأصالة والمعاصرة، والذي اختفى عن الساحة السياسية منذ سنوات في ظروف أثارت الكثير من التساؤلات؛
حكيم بنشماش، خليفته على رأس “الجرار” سابقًا، والذي لطالما كان على خلاف علني معه، قبل أن يتم طيّ الخلافات القديمة؛
إدريس السنتيسي، أحد أبرز وجوه حزب الحركة الشعبية، والبرلماني المعروف بقاعدته الجماهيرية الواسعة؛
محمد الفاضيلي، البرلماني السابق والقيادي المنسحب من الحركة الشعبية، والذي يرتبط اسمه بمحيط سياسي واسع الانتشار محليًا.
ويُرجّح أن يضمّ هذا الحزب المرتقب مزيجًا من الوجوه “المجربة” وأخرى “تبحث عن انطلاقة جديدة”، بعد انسداد الآفاق داخل أحزابها الأصلية أو تآكل قواعدها الشعبية.
ويرى مراقبون أن الدفع بتشكيلة حـزبية جديدة في هذه المرحلة يعكس حالة فراغ سياسي وشعورًا عامًا بالإحباط من الطبقة السياسية الحالية، لا سيما في ظل استمرار الاحتجاجات الاجتماعية، وتصاعد الانتقادات لأداء الحكومة، وفقدان الثقة في المعارضة التي وُصفت في عدة مناسبات بـ”الصامتة أو المتواطئة”.
ويرى بعض الفاعلين أن هذا الحزب قد يكون محاولة لإإعادة تشكيل التوازنات داخل الحقل السياسي، وتدوير نخب سابقة فقدت التأثير أو الإطار السياسي المناسب، أو حتى التموقع استعدادًا للاستحقاقات المقبلة (2026-2027) وسط ترقب لتغييرات محتملة على مستوى التحالفات.
وفي الوقت الذي لم يصدر أي تأكيد رسمي بشأن هذا المشروع، تفيد مصادر “عبّر.كوم” أن مشاورات سرية تُجرى مع أطراف إدارية وسياسية، لضمان “سقف سياسي محكم” يمكّن الحزب الجديد من لعب دور محوري على المدى المتوسط.
وفي السياق ذاته، لا يُستبعد أن يكون الهدف من تأسيس هذا الكيان التموقع داخل المشهد السياسي كطرف بديل، يجمع بين “الخبرة السابقة” و”المرونة الجديدة”، في وقت فقد فيه الشارع الثقة في النخب الحالية، حسب تعبير مصدر سياسي متابع.
بقي أن نشير إلى أن التعددية السياسية ما لم تخدم المصلحة الوطنية والدفاع على الثوابت فلا معنى لوجودها أصلا، لأن المغرب ليس في الحاجة إلى أحزاب سياسية كثيرة بل إلى سياسيين وطنيين يحعلون مصلحة الوطن والمواطنين فوق كل اعتبار.