خلال مهرجان خطابي لحزب العدالة والتنمية، لم يوفر بنكيران رئيس الحكومة عزيز أخنوش من انتقاداته، إذ قال إن “المشكلة معه أخلاقية بالدرجة الأولى”، متهما إياه بأنه “يتعامل مع السياسة بعقلية التاجر الذي يعتمد على منطق الماركتينغ، أي إقناع الناس بشراء ما لا يحتاجونه حتى يخرجوا بجيوب فارغة”، متسائلا بحدة: “هل يعقل أن يقول إن الناس في الحوز فرحانين؟ بأي وجه يتحدث عن الفرح وسط المآسي؟”. ورد ذلك في كلمة مطولة القاها الأمين العام للعدالة والتنمية عبد الإله بنكيران، مساء الأحد 21 شتنبر الحالي بالقنيطرة.
واستحضر بنكيران ملف تحلية مياه البحر، مشيرا إلى أن “شركة أخنوش استفادت من صفقة ضخمة في هذا المجال، رغم أنه بصفته رئيسا للحكومة لا يحق له التورط في مثل هذه المشاريع”، قبل أن يكشف أن “اللجنة الوطنية للاستثمار منحت مشروعه امتيازات بمليارين وستمائة مليون درهم، وهو ما يعادل 260 مليار سنتيم”، متسائلا: “كيف نثق في شخص يفعل ذلك ثم ينفي تورطه؟”.
وقارن بنكيران بين الماركتينغ لدى أخنوش ومنطق التجار القدامى، موضحا أن التاجر الشريف يبيعك ما تحتاجه بنية صافية، “أما منطق الماركتينغ فهو أن يدخلك في الوهم حتى تسرف أموالك وتظل مدينا”، معتبرا أن هذا السلوك يتناقض مع أبسط مبادئ المسؤولية العمومية.
وعاد بنكيران ليذكر بقصة الدعم الموجه لشراء الأضاحي، قائلا: “عوض أن يعطوا المال للناس مباشرة ليشتروا خرفانهم، منحوه لـ 18 من التجار الكبار”، ليخلص إلى أن “السياسة تحولت إلى وسيلة لإثراء القلة على حساب الشعب”.
وانتقل بنكيران إلى تقديم تشخيصه لأزمة السياسة بالمغرب، مؤكدا أن “الحياة السياسية والعمل السياسي قد فسد وأفسد لكي يتحكم البعض في مفاصل الدولة”، موضحا أن “الأحزاب أصبحت ملاذا للباحثين عن الثروة السهلة أو لمن يهرب من المحاسبة، فمن يتهرب من الضرائب أو يتاجر في الممنوعات يجد له مكانا في حزب سياسي، ومن يملك القرابة أو المصاهرة مع قيادي معين يزاحم المناضلين ويصل إلى مواقع المسؤولية”.
ولم يتردد في فضح ما وصفه بالانحرافات التي مسّت تمثيلية النساء داخل البرلمان، حين أشار إلى أن “أزيد من تسعين امرأة دخلن إلى البرلمان عبر لوائح غير مباشرة، كثيرات منهن يشتكين اليوم من التهميش”، لافتا إلى أن هذه الممارسات تقوض الثقة وتضعف مصداقية المؤسسات.
وتوقف بنكيران عند علاقة الملكية بالحياة السياسية، حيث أكد أن “جلالة الملك في كثير من الأحيان حال دون انزلاق البلاد نحو الفساد والانحراف”، لكنه أوضح أن “الحكومة تبقى مسؤولة ولها صلاحياتها، ولا يمكن للملك أن يتدخل في كل صغيرة وكبيرة، فالحكومات المنتخبة هي التي تقرر”.
ودعا المواطنين إلى ممارسة حقهم في اختيار من يحكمهم قائلا: “لكم رصاصة واحدة كل خمس سنوات، فلا تهدروها. إذا اخترتم حكومة سيئة فسوف تتحملون نتائجها كاملة”.
وفي معرض دفاعه عن حصيلة حزبه حين قاد الحكومة بين 2011 و2016، قال بنكيران إن تجربة العدالة والتنمية جاءت في ظرف دقيق حين كان المغرب على “شفا بركان”، مؤكدا أن “الله سبحانه وتعالى لطف بهذا البلد بفضل خطاب الملك في 9 مارس 2011، ثم الانتخابات التي أعطت للعدالة والتنمية ثقة المواطنين”.
وأبرز أن “الحزب تضاعفت قوته في انتخابات 2016 بعدما ارتفع عدد مقاعده البرلمانية من 107 إلى 125، وقفز من 600 مستشار جماعي إلى أكثر من 5000″، معتبرا ذلك “ختم الطابع الحقيقي من طرف الشعب”. لكنه أقر في الآن نفسه بأن “مؤامرات عديدة حيكت ضد الحزب، من البلوكاج الحكومي إلى الضغوط السياسية التي قادت في النهاية إلى ما وصلنا إليه اليوم”.
وتوجه بنكيران برسالة مباشرة للمواطنين قائلا: “لا تتركوا الفرصة تضيع من أيديكم، تسجلوا في اللوائح الانتخابية، هذه بلادكم وأنتم مسؤولون عن مصيرها، إذا اخترتم جيدا ستكسبون المستقبل، وإن اخترتم سيئا فلا تلموا إلا أنفسكم”، مشددا على أن “الديمقراطية المغربية لها طابع إسلامي، حيث يتساوى الناس وراء الإمام في الصلاة كما يتساوون وراء جلالة الملك في السياسة”.