الانتفاضة // ابتسام بلكتبي (صحافية متدربة)
في تحذير جديد يعكس خطورة الوضع المناخي الراهن، كشف باحثون، أن انبعاثات الغازات الدفيئة بلغت مستويات قياسية تهدد بنفاد ميزانية الكربون العالمية خلال أقل من ثلاث سنوات، مما يقلل بشكل كبير من فرص تحقيق أهداف إتفاق باريس للمناخ المبرم عام 2015.
وتُعرف ميزانية الكربون بأنها الحد الأقصى من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، الذي يمكن للبشرية إطلاقه، مع الحفاظ على احتمال معقول لعدم تجاوز زيادة حرارة الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية.
غير أن آخر التقديرات التي أجراها فريق دولي يضم أكثر من 60 عالماً بارزا، تشير إلى أن هذه الميزانية قد تقلصت إلى 80 مليار طن فقط من ثاني أكسيد الكربون بدءا من 2025، وهو ما يمثل إنخفاضاً حادا بنسبة 80% مقارنة بعام 2020.
ومع إستمرار معدلات الإنبعاثات المرتفعة، يتوقع العلماء إستنفاد هذه الكمية بالكامل خلال عامين إلى ثلاثة أعوام، مؤكدين أن تجاوز هدف 1.5 درجة بات شبه محتوم خلال سنوات قليلة، بسبب التأخر الطبيعي في إستجابة النظام المناخي.
وفي هذا السياق، أوضح البروفيسور “جويري روجيلج”، من “إمبريال كوليدج لندن” أن تحقيق هذا الهدف يبدو أمرا صعب المنال بشكل متزايد، مشيرا إلى أن كافة السيناريوهات المناخية المطروحة، تظهر إحتمالية كبيرة لتجاوز هذا الحد، وربما الوصول إلى مستويات أعلى من الإحترار.
وأضافت الدراسة، المنشورة في مجلة “إيرث سيستم ساينس داتا”، أن العالم يسير نحو زيادة حرارة بمقدار 2.7 درجة مئوية، وهو سيناريو يعتبر كارثيا، في حين أن الأمل الأكثر واقعية حالياً، هو الحد من الإحترار إلى 1.7 درجة مئوية.
وكانت تقديرات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في عام 2021، تشير إلى وجود 500 مليار طن متبقية من ميزانية الكربون، لكن الدراسة الجديدة أكدت انخفاض هذا الرقم إلى 130 مليار طن فقط بحلول عام 2024، في دلالة واضحة على تسارع الظاهرة.
وأكد البروفيسور “بيرس فورستر”، مدير مركز بريستلي لمستقبل المناخ بجامعة ليدز، والمشرف الرئيسي على الدراسة، أن المؤشرات المناخية تزداد سوءا بسرعة مقلقة، رغم الجهود المبذولة في مجالات الطاقة المتجددة، وتقليل الإعتماد على الوقود الأحفوري، لافتا إلى أن وتيرة هذه الجهود، لا تزال دون المستوى المطلوب.
وجاء نشر هذه النتائج تزامنا مع إنعقاد محادثات المناخ في مدينة بون الألمانية، والتي غابت عنها الولايات المتحدة، خاصة بعد إنسحاب الرئيس الأسبق دونالد ترامب من إتفاقية باريس خلال ولايته، معتبرا تغيّر المناخ مجرد “خدعة”.
وأظهرت البيانات أن متوسط إرتفاع حرارة الأرض خلال العقد المنتهي في 2024، بلغ 1.24 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، تُعزى 1.22 درجة منها إلى النشاط البشري، مثل حرق الوقود الأحفوري وإزالة الغابات.
كما حذر الباحثون من تضاعف معدل الإحترار بين عامي 2012 و2024، مقارنة بما كان عليه في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، ما تسبب في تسارع ذوبان الجليد، وإرتفاع مستويات البحار، وزيادة حرارة المحيطات، وهي مؤشرات تهدد بشكل متزايد المناطق الساحلية بالعواصف والتآكل البحري.
وفي هذا الإطار، أكدت الباحثة “إيمي سلانغن”، من المعهد الملكي الهولندي لأبحاث البحار، أن إرتفاع مستوى سطح البحر هو إستجابة بطيئة نسبياً لتغير المناخ، الأمر الذي ينبئ باستمرار هذه الظاهرة، وإزدياد حدتها خلال السنوات والعقود المقبلة.
التعليقات مغلقة.