وطن يطارد الوعي ويكافيء الرداءة …

الانتفاضة // حسن المولوع

سنقول إن الوطن بخير عندما تصحو أيها النائم ..

سنقول إن الوطن بخير…
حين لا يُغتال النقاش بخنجر “من قال”، و”من كتب”، و”من نشر”، بل يُوزن الكلام بميزان الفكرة، لا صاحبها..

سنقول إن الوطن بخير…
حين لا تُبنى صداقاتنا على الحسد، ولا عداواتنا على النجاح، ولا خيباتنا على شماتة الآخرين..

سنقول إن الوطن بخير…
حين لا نكتفي بـ”مشاركة” المنشورات، بل نقرأ، نفهم، نغضب، ننتقد، نعيد الكتابة، ونجرح النصوص بأنياب الوعي…

سنقول إن الوطن بخير…
حين لا يُعتبر الآمر بالمعروف متشددا، ولا الناهي عن المنكر متطفلا أو متطرفا، بل يُرى في كليهما قلب يحترق كي لا تنطفئ شعلة الأمة.

سنقول إن الوطن بخير…
حين لا تبقى “اقرأ” مجرّد حروف باهتة على جدران مدارس لا تُعلّم كيف نقرأ، بل تُدرّبنا على الحفظ الأعمى، وتسلّمنا شهادات لا تُنقذنا من البطالة، بل تدفن أحلامنا في أوراق رسمية موقّعة بالخنوع…

وسنقول إن الوطن بخير…
حين نرى في الصحافة ضميرا حيًّا، لا وظيفة ميتة..
حين لا يُقال عن كل قلم شريف إنه مأجور، ولا يُكافأ كل مهرّج بالترقية..
حين لا يتحوّل بعض الصحافيين إلى كتبة مأجورين، يرددون ما يُملى عليهم دون فهم، ولا جرأة، ولا لغة..

وسنقول إن الوطن بخير…
حين لا يبقى الإعلام أداة لتصفية الحسابات، وسوطا في يد الحكومة وأجهزتها، تُطارد به الصحافيين الحقيقيين، وتكمم به الأفواه التي ترفض الركوع..

وسنقول إن الوطن بخير…
حين نقرأ لنفهم، لا لنُردد…
حين نكتب لنُغيّر، لا لنُرضي…
حين نصرخ بالحقيقة، لا نهمس بالخوف.

أما اليوم… فلا تسألونا إن كان الوطن بخير.
بل اسألوا.. هل بقي في هذا الوطن من لم يُرهقه الخذلان؟ من لم يتهشم إيمانه تحت ركام الخيبات؟

فلا تسأل عن الوطن، بل اسأل عن المواطن..
هل بقي فيه نبض؟
هل بقي فيه أمل لا يُقمع، وصوت لا يُشترى، وقلم لا يُكسر؟
فالوطن لا يكون بخير حين تصمت العقول، وتُكمم الأفواه، ويُكافأ الجهل…
الوطن لا يكون بخير حين نعتاد القهر، ونُطبع مع الرداءة، ونصفّق للهزيمة باسم الواقعية…

نعم، سنقول إن الوطن بخير…
حين نكفّ عن ترديد الأكاذيب بأصواتٍ وطنية، ونبدأ بقول الحقيقة ولو بصوت مرتجف.

التعليقات مغلقة.