الانتفاضة // حسن المولوع
كثّفت بعض الأطراف، حسب ما بلغني، اتصالاتها المحمومة لحثّ المنابر الإعلامية على عدم حضور جلسة محاكمة الصحافي حميد المهدوي يوم الإثنين المقبل.
وقد تكرر الأمر ذاته الأسبوع الماضي، إذ لم يحضر سوى عدد قليل من وسائل الإعلام، لكن إرادة الله شاءت أن تفضح هذا التواطؤ، فبفضل مقطع بسيط وثّق لحظة خروج حميد من المحكمة، وقد كنت برفقته، وصل الصوت إلى آلاف القلوب، بل ملايين، بعدما تناقلته صفحات عدة، ثلاث منها فقط اقترب فيها عدد المشاهدات من حاجز المليون.
المشكلة ليست في أولئك المتصلين المهووسين بالضغط والتأثير وإن كان خبثهم لا يحتاج دليلا ، بل في أولئك الذين ينحنون لهذا الخبث خضوعا، ويستسلمون له طائعين، إذ يُباع لهم الوهم على هيئة وعود كاذبة، ويُخدعون بحكايات لا وجود لها إلا في خيال الماكرين. فيُساوَمون على حقوقهم الأساسية، لا طمعا في امتيازات حقيقية، بل ليدفعوا الثمن الأغلى: كرامتهم ومهنيتهم.
ندائي إلى كل المواقع الإلكترونية: احضروا وسجّلوا شهادتكم أمام التاريخ. فاللحظة التي تغفلون عنها اليوم، قد تطاردكم غدا في أرشيف الندم، والتاريخ لا يرحم المتخاذلين. وتذكّروا جيدا: من يطلب منكم الغياب لا يرى فيكم زملاء مهنة أو حاملي رسالة، بل أوراقا انتخابية تُستعمل لمرة واحدة، ثم تُلقى في سلة المهملات إلى حين دورة انتخابية قادمة.
اليوم، اكتفيت بالإشارات، وأسأل الله أن يهدي من في قلوبهم مرض. أولئك الذين فشلوا سياسيا، وانهزموا نقابيا، وسقطوا مهنيا حتى أصبحوا مجرد ظلال هاربة في الهامش، فقدوا حتى احترام الناس، ولم يبقَ لهم إلا الخبث سلاحا، لأنهم فقدوا كل شيء آخر. ومع ذلك، يواصلون انحدارهم بلا حياء، كأنهم لم ينظروا يوما في مرآة، ولم يسألوا ضمائرهم إن بقي منها شيء.
أما نحن، فسنظل هناك، حيث تُصنع الحقيقة ويُكتب الشرف، ولو بالحد الأدنى من الوسائل، لأن الصدق لا يحتاج إلا قلبا نقيا، وكاميرا لا تخاف، ولسانا لا يعرف الانكسار…
التعليقات مغلقة.