مراكش.. سياحة مزدهرة وشباب عاطل

الانتفاضة // إبتسام بلكتبي // صحفية متدربة

رغم ما تحققه مدينة مراكش من إشعاع عالمي كمقصد سياحي، إلا أن هذه الدينامية الاقتصادية لا تنعكس بشكل ملموس على واقع شريحة واسعة من شباب المدينة، الذين يعيشون تحت وطأة البطالة وغياب فرص الشغل المستقرة.

ففي الأحياء الشعبية والهامشية، أصبح الأمل في الظفر بعمل قار أشبه بسراب، فيما تتوالى المبادرات الحكومية دون أثر فعلي على الأرض.

مدينة سياحية بلا فرص دائمة

يُجمع المراقبون على أن مراكش تُعتبر نموذجا لاقتصاد يرتكز بشكل شبه كامل على السياحة، وهذا الاعتماد المفرط جعل سوق الشغل رهينًا بتقلبات موسمية وظروف خارجية، كما حصل خلال جائحة كورونا أو زلازل 2023، حيث تضرر قطاع السياحة بشكل كبير.

يقول عصام، شاب يبلغ من العمر 27 سنة، ويقطن بحي المحاميد:
“نشتغل موسم الصيف مع السياح، لكن مع نهاية الموسم نجد أنفسنا عاطلين من جديد”.

وأضاف، “عملنا غير مستقر، ولا ضمان اجتماعي يؤمن مستقبلنا.”

إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط تأكد الواقع

و وفقا لتقارير المندوبية السامية للتخطيط، فإن نسبة البطالة في جهة مراكش – آسفي بلغت 7.7% خلال الفصل الأول من سنة 2023، وهي من أدنى النسب على الصعيد الوطني .

ومع ذلك، فإن هذه النسبة لا تعكس بالضرورة الواقع المعيشي للشباب، خاصة أن العديد منهم يعملون في وظائف غير مستقرة أو موسمية.

كما أظهرت دراسة رسمية أن حوالي 54 ألف شاب وشابة تتراوح أعمارهم ما بين 15 و 24 سنة في جهة مراكش – آسفي لا يتابعون دراستهم ولا يستفيدون من أي تكوين ولا يعملون، مما يعكس حجم التحدي الذي يواجهه الشباب في الاندماج في سوق الشغل.

ويقول أحد الخبراء الاقتصاديين،
“البرامج الوطنية مثل “أوراش” أو “فرصة”، رغم نواياها الحسنة، غالبا ما تُنفّذ بنسخ نماذج جاهزة لا تراعي خصوصية المدينة، وبالتالي لا تؤتي أكلها.”

مبادرات رسمية… وآمال معلقة

رُصدت ملايين الدراهم لتمويل مشاريع التشغيل الذاتي ومواكبة الشباب، غير أن تنفيذ هذه البرامج يواجه عراقيل بيروقراطية وغياب المتابعة الحقيقية، مما يجعل الفئة المستهدفة تشعر بالتهميش.

وعدد من الشباب الذين حاولوا الولوج إلى هذه البرامج، أكدوا صعوبة المساطر، وتعقيد الإجراءات الإدارية، وغياب التوجيه التقني والمهني.

وهنا تظل التساؤلات مطروحة بإلحاح: متى ستنتقل مراكش من مدينة تعتمد على السياحة فقط إلى مدينة بفرص اقتصادية متعددة؟

وهل هناك إرادة سياسية حقيقية لتقليص بطالة الشباب، أم أن الخطط تبقى موسمية؟

وما مصير مئات الخريجين الذين لا يجدون موطئ قدم في سوق شغل محدود الأفق؟

التعليقات مغلقة.