تقديرات جديدة ترجّح اقتراب نهاية نزاع الصحراء المغربية في ظل دعم دولي متزايد

نهاية وشيكة لنزاع الصحراء .. ومبادرة الحكم الذاتي تكسب أرضًا جديدة

0

الإنتفاضة // إلهام أوكادير // صحفية متدربة 

يبدو أن نزاع الصحراء المغربية بات على مشارف التحول نحو تسوية نهائية، وفق ما خلصت إليه ورقة تحليلية حديثة صادرة عن المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، وتشير الورقة إلى أن المتغيرات الميدانية، والتحولات الجيوسياسية الأخيرة، توحي بأن خيار الانفصال أصبح في حكم الماضي، في ظل تزايد الاعتراف الدولي بمبادرة الحكم الذاتي، التي تقترحها المملكة المغربية كحل واقعي وعملي منذ البداية.

وتعزز هذه المقاربة السياسية مواقف دول كبرى، في مقدمتها الولايات المتحدة وفرنسا، إضافة إلى دول أوروبية وإقليمية وازنة مثل ألمانيا، إسبانيا، دول الخليج، وعدد من الدول الإفريقية، التي أعلنت دعمها الصريح للمبادرة المغربية، فهذا التحول في المواقف الدولية، يعكس بشكل واضح قناعة متزايدة بواقعية مشروع الحكم الذاتي، كصيغة تضمن استقرار المنطقة، وتضع حدًا للنزاع المستمر منذ عقود.

في هذا السياق، يبرز دور المبعوث الأممي إلى الصحراء، “ستافان دي ميستورا”، الذي قدّم في أبريل 2025، إحاطة أمام الأمين العام للأمم المتحدة تضمنت تركيزًا ملحوظًا على تفاصيل مبادرة الحكم الذاتي؛ حيثأثار هذا التوجه اهتمام العديد من العواصم الغربية، التي بدأت بدورها في دراسة سبل تطبيق المبادرة على أرض الواقع، ما يطرح تساؤلات جوهرية حول كيفية تنفيذها، ومصير الأطراف المتورطة في النزاع، وخاصة جبهة البوليساريو وساكنة مخيمات تندوف.

فواحدة من أعقد القضايا التي تتناولها الورقة، تلك التي تتعلق بمصير قيادات الصف الأول في البوليساريو، سواء قبلت الجبهة الانخراط في المشروع المغربي أو تم فرضه بدعم أممي.

فمن جهة، تشير التقديرات، إلى أن هذه القيادات قد تجد نفسها أمام واقع جديد، يعيد النظر في موقعها ومكانتها، في حين قد يُعرض على بعضها الآخر، الاندماج في المؤسسات الوطنية، في إطار مقاربة للمصالحة ودمج النخب.

من جهة أخرى، يُتوقع أن يؤدي تنفيذ مشروع الحكم الذاتي، إلى تنافس سياسي وإداري، بين نخب جهوية محلية وقيادات من البوليساريو، خاصة داخل مؤسسات الجهة، كبرلمانها وحكومتها.

كما تشير الورقة، إلى أن هذا التنافس، قد يتخذ أشكالًا جديدة من الصراع، مما يعزز الحاجة إلى تدخل المؤسسة الملكية، وهو أمر بديهي، لضمان توازن مرحلي يحافظ على الاستقرار ويمنع أي انزلاق داخلي.

أما على الصعيد الأمني، فالمعضلة الأكبر تتعلق بسلاح جبهة البوليساريو، إذ ترى الورقة أن أي مشروع للحكم الذاتي، لا يمكن أن ينجح دون تفكيك البنية العسكرية للجبهة بشكل كامل ونهائي؛ ففي هذا الإطار، تبرز صعوبة إقناع الميليشيات المسلحة بالتخلي عن سلاحها، ما قد يستوجب دعمًا دوليًا صريحًا ومباشرًا؛ بالإضافة إلى طرح مقترحات واقعية، لدمج العناصر المسلحة ضمن الأجهزة الوطنية، رغم ما يحمله ذلك من تعقيدات، بسبب طبيعة الجبهة وتركيبتها العسكرية الممتدة لسنوات.

كما ويمتد كذلك هذا التحدي إلى البنية المدنية والسياسية للجبهة، لا سيما تلك المرتبطة بما يُعرف بـ”الجمهورية الصحراوية”، التي رغم عدم اعتراف المغرب بشرعيتها، تمكنت من بناء شبكة من العلاقات الخارجية.

حيث أكدت الورقة، أن تفكيك هذه الشبكة، يتطلب استراتيجية متكاملة، تشمل المصالحة، إعادة التأهيل، ودمج الفاعلين السابقين في مؤسسات الدولة المغربية.

ولا ننسى أن قضية ساكنة مخيمات تندوف، تعدّ من أبرز الإشكالات الإنسانية والاجتماعية في هذا الملف، حيث تشير الورقة إلى أن إدماجهم في النسيج المجتمعي المغربي سيكون شيئاً معقدًا، بالنظر إلى الخلفيات القبلية المتعددة، وتضارب المعطيات حول أعدادهم.

ففي الوقت الذي تقول الجزائر أن عددهم يفوق 160 ألف شخص، تشير تقديرات دولية سابقة، من بينها إحصائيات إسبانية، إلى أن العدد يتراوح بين 40 و60 ألفًا فقط، فغياب إحصاء رسمي دقيق، نتيجة رفض الجزائر السماح به، يزيد من تعقيد هذه المسألة.

كما تؤكد الورقة كذلك،أن المغرب، رغم استعداده المعلن لاستيعاب العائدين، إلا أنه قد يضطر للتعامل بحرص شديد، مع مسألة دمج المكونات الاجتماعية المختلفة داخل المخيمات، لتوصي على ضوء ذلك، بوضع تدابير و آليات دقيقة، قادرة على ضمان عودة آمنة وسلمية لهؤلاء، دون أن تؤدي إلى توترات أو انقسامات داخلية.

وفي ختام الورقة، يؤكد المركز، أن التوصل إلى تسوية دائمة للنزاع، يتطلب مقاربة مرنة وواقعية، تعالج التحديات السياسية والأمنية والإنسانية بحكمة.

فمع الدعم الدولي المتنامي لمبادرة الحكم الذاتي، تلوح في الأفق فرصة حقيقية، لإنهاء نزاع طال أمده، شريطة أن يُدار الانتقال نحو الحل السياسي برؤية متبصرة، تحفظ الاستقرار وتحقق التنمية في الأقاليم الجنوبية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.