الإنتفاضة // إلهام أوكادير// صحفية متدربة
شهِدت بعض الدولِ الغربيةِ، مثل إسبانيا و البرتغال، وأجزاء من دول اخرى، انقطاعاً مفاجئاً في الكهرباء و شبكة الانترنت ليلة امس الاثنين، الثامن و العشرون من ابريل 2025، حيث ترتبت عن ذلك، عدة اختلالات و تعطيلات لخدمات عديدة، تعتبر جد حيوية لاستمرار مختلف الأنشطة و الخدمات التي تعتمد وجود الكهرباء ، كما يُعتبر هذا الإنقطاع للتيّار الكهربائي، الرابع من نوعه، بعد انقطاعه خلال شهري مارس و فبراير من نفس السنة، بكلّ من نجيريا، تشيلي، و إيران .
فتبعاً لانقطاع الكهرباء أمس، شُلَّتْ معظمُ المعاملات البنكية و الالكترونية، و كذا التواصلية لشبكات الطيران، و الخدمات اللوجستيكية، و مراكز النداء و الخدمات الطبية و غيرها، لدرجةٍ اثارت الذُّعرَ، في نفوسِ من ترتبط معاملاتهم اليومية، من أكلٍ و شربٍ و تنقّل، و كذا إقامةٍ فندقية، بتوفُّرِ شبكةِ الانترنت.
إنّه مجردُ حدث فُجائي، قد يكون من تدبير مدبّر، و قد يكون تلقائي، لكنه كشف لنا عن حقيقة مرعبة، تتمثل في مدى ارتباطنا ارتباطاً وثيقا بهذه الشبكة، ارتباطٌ لم ندرك عمقه و نحن نتغلغل في دهاليز التكنولوجيا و الحداثة و الرقمنة، التي اكتسحت جُلّ انشطتنا اليومية، من تواصل وتجارة و تحويلات مالية و سفر و استشفاء والائحة تطول؛ دون أن نغفل ما انعكست به من اختلالات سلبيةٍ، على البنية المُجتمعيةِ للأسرة والإنسانِ بشكل عام .
إنّنا لا نُنكرُ ما قدّمته ثورةُ الانترنت من سهولةٍ و تطورٍ و اختزالٍ للوقتِ و المسافاتِ و الجهودِ و تمكينِ الابتكارِ و تسهيلِ الانتشارِ الاقتصادي و التعليمي عبر العالم. هذا العالم الذي جعلت منه الأنترنت قريةً صغيرة، استطاع بفضلها الانسانُ ان يُحلِّقَ عالياً في السماء، ليجاورَ السُّحبَ و يطمع بلوغَ كواكبَ اخرى، دون أن تضع حداًّ لسقف طموحاته .
إلّا أنّ ارتباطَ حياتنا بها، و بالتعقيد الحالي، يعدُّ امراً مقلقاً و مخيفاً، إذ أنّ اعتمادها لم يكن يوماً بالامرِ الإختياري، بل كان ضرورةً حتميةً، حتى يتمكن الانسانُ من مواكبةِ تغيراتِ نمط الحياة، لكي يتماشَى معها، بشكلٍ مرنٍ، يخدمُ مصالحهُ الخاصةَ بالدرجةِ الاولى. فمن قرر اليومَ ركوبَ الابلِ للسفر بقيَ هناك، و من امتنع عن امتلاكِ حسابٍ بنكيٍّ شُلَّتْ تجارتُه، و من لم يمتلك هاتفاً خلوياً فقد فُقِدَ و هو بين الناس؛ فما هذه إلّا أمثلة بسيطة، عن مدى ضرورةِ اعتمادنا شبكةَ الانترنت و الكهرباء، لكن الباقي لا يعد ولا يحصى .
ولعلّ الوقتَ قد حان، لنُعيد تقييمَ علاقتنا، بما تجود به ساحةُ التكنولوجيا و الرقمنة، من ظواهرِ الحداثةِ، و مدى تأثيرها السلبيِّ قبل الإيجابيّ، على نمط عيشنا، وأن نتفكّر في سُبلِ الاستفادة منها، بطريقةٍ سليمة، لا تفرض سيطرةً معيّنةً على سلوكياتنا و اختياراتنا الحياتية، حتى يكونَ الانسانُ في مواجهتها، فاعلاً وليس مفعولاً به .
التعليقات مغلقة.