المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد تصدر بيانا استنكاريا بشأن تفشي الرشوة واستغلال النفوذ في قطاع الأوقاف والشؤون الإسلامية

الانتفاضة

في سياق متواصل من التجاوزات والاختلالات الإدارية التي تطال بعض المؤسسات العمومية، تتلقى المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد بقلق شديد شهادات متزايدة حول استغلال النفوذ والرشوة داخل قطاع الأوقاف والشؤون الإسلامية، وخاصة في ما يتعلق بتعيين الأئمة والإشراف على المساجد.

وقد أثارت قضية توقيف الإمام الامام عبدالله رماشي بمنطقة أولاد افرج موجة استياء عارمة، حيث اعتبر سكان المنطقة هذا القرار مجحفًا في حق رجل عرف بنزاهته وتفانيه في تعليم القرآن الكريم لأبنائهم.
تساؤلات المطروحة:

كيف يمكن قبول فرض رشاوى مالية على الأئمة من أجل الاحتفاظ بوظائفهم أو تعيينهم؟

من المسؤول عن مراقبة نزاهة التعيينات في قطاع الأوقاف والشؤون الإسلامية؟

لماذا لم يتم فتح تحقيق رسمي في الادعاءات الخطيرة التي تهم فرض مبلغ عشرين ألف درهم على الأئمة الجدد كشرط لتعيينهم؟

كيف يمكن تفسير صمت الجهات المسؤولة رغم خطورة هذه التجاوزات وانعكاسها السلبي على المرفق الديني؟

بحسب تصريحات ابن الامام عبدالله رماشي ، فإن والده تعرض للتوقيف التعسفي بسبب رفضه دفع رشوة شهرية قيمتها لأحد الموظفين بالمندوبية، فضلًا عن تأكيده أن تعيين الأئمة الجدد يتطلب دفع مبالغ معينة حسب تصريح ابن الإمام ، في انتهاك صارخ لمبادئ الشفافية والنزاهة.

هذه الادعاءات، إن ثبتت صحتها، تعكس صورة قاتمة عن واقع تدبير الشأن الديني، حيث تتحول الوظائف الدينية إلى سوق للمزايدات والابتزاز.

وأكد الموقعون على المراسلة أن الإمام الموقوف مشهود له بالصدق والإخلاص في أداء رسالته التعليمية، كما أنه يحظى بتقدير واحترام واسع من طرف سكان المنطقة، الذين اعتبروا توقيفه غير مبرر ويعكس واقع التلاعب الإداري في قطاع حيوي وحساس.

انطلاقًا من مسؤوليتها في الدفاع عن الحقوق ومحاربة الفساد، تطالب المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد بما يلي:

1. فتح تحقيق رسمي ومستقل من طرف عامل إقليم الجديدة حول مزاعم فرض الرشاوى على الأئمة، وكشف المتورطين في هذه التجاوزات ومحاسبتهم قانونيًا.

2. إيفاد لجنة تفتيش مركزية من طرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية للوقوف على الاختلالات التي يشهدها القطاع، والتأكد من نزاهة التعيينات ومنع أي استغلال للنفوذ داخل المندوبيات.

3. اعادة النظر في قرار توقيف الامام رماشي عبدالله و تمكينه من العودة إلى مزاولة مهامه بمسجد القرية بدوار ميساوة جماعة اولاد افرج.

4. تعزيز آليات الرقابة الداخلية بقطاع الأوقاف، وضمان الشفافية في تدبير المساجد وتعيين الأئمة، مع وضع نظام واضح يتيح للمتضررين التبليغ عن الفساد دون خوف من الانتقام الإداري.

5. إلزام الجهات المسؤولة بإصدار توضيح رسمي حول هذه القضية، وتقديم تفسيرات واضحة للرأي العام، تفاديًا لأي لبس أو تأويلات قد تزيد من فقدان الثقة في المؤسسات الدينية.

إن استمرار مثل هذه التجاوزات في قطاع الأوقاف والشؤون الإسلامية لا يمس فقط بمصداقية المؤسسات الدينية، بل يهدد أيضًا القيم الأخلاقية التي يفترض أن يُحتذى بها في إدارة الشأن الديني.

وعليه، تؤكد المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد أنها لن تتوانى في متابعة هذه القضية حتى يتم تحقيق العدالة وإنصاف المتضررين، ومحاسبة كل من يثبت تورطه في استغلال النفوذ أو فرض الرشاوى داخل القطاع.

إن تفشي الفساد داخل قطاع الأوقاف والشؤون الإسلاميةدون تدخل من المسؤولين على القطاع بكل موضوعية يشكل ضربة قاسية لمبادئ النزاهة والشفافية التي ينبغي أن تحكم هذا القطاع الحساس، حيث يُفترض أن يكون مثالًا للعدل والاستقامة بدلًا من أن يصبح ساحة للمحسوبية والابتزاز المالي.

إن فرض الرشاوى على الأئمة كشرط لتعيينهم أو استمرارهم في وظائفهم يعد انتهاكًا خطيرًا ليس فقط للقوانين الجاري بها العمل، بل أيضًا للقيم الدينية والأخلاقية التي تحكم هذا المجال.

إن توقيف الامام عبدالله رماشي بهذه الطريقة المجحفة، رغم إشادة سكان منطقته بسيرته الحسنة ودوره التربوي الفعّال، لا يمكن اعتباره مجرد حادث معزول، بل هو مؤشر على مشكلة بنيوية تستوجب تدخلاً عاجلًا من الجهات العليا.

فالتلاعب في تعيين الأئمة وفرض مبالغ مالية ضخمة عليهم مقابل مناصبهم يعني أن الكفاءة والتقوى لم تعد المعيار الأساسي في اختيار من يؤدون رسالة نشر القيم الدينية وتعليم القرآن الكريم، بل أصبح المال هو العامل الحاسم، مما يهدد بنشوء بيئة فاسدة داخل المساجد نفسها.

علاوة على ذلك، فإن هذا النوع من الفساد الإداري لا يقتصر تأثيره على الأئمة وحدهم، بل يمتد ليضر بالمجتمع بأسره.

فحين يتم إقصاء الأئمة الأكفاء وتعويضهم بأشخاص لا يتم اختيارهم على أساس النزاهة والكفاءة، فإن ذلك يضعف مستوى التعليم الديني، ويهدد بتحويل بعض المساجد إلى أدوات لأجندات شخصية أو سياسية، بدل أن تبقى منابر للعلم والهداية.

كما أن حرمان الأطفال والطلاب من دروس تحفيظ القرآن الكريم وقراءة الحزب الراتب قد يؤثر على هويتهم الدينية والثقافية، ويفتح الباب أمام جهات أخرى لاستغلال هذا الفراغ القيمي.

لذلك، فإن المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد تؤكد أن السكوت عن هذه الممارسات ليس خيارًا، وتدعو كافة الجهات المسؤولة، من وزارة الأوقاف إلى الأجهزة الرقابية والقضائية، إلى التحرك العاجل والجاد لمكافحة هذه التجاوزات، وردع كل من يسيء إلى قدسية هذا القطاع.

كما تدعو المواطنين إلى التبليغ عن أي حالات فساد أو استغلال نفوذ يواجهونها، والمطالبة بحقوقهم المشروعة دون خوف من أي ضغوط.

إننا في المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد نحذر من أن استمرار هذه الممارسات دون محاسبة قد يؤدي إلى تفاقم فقدان الثقة في المؤسسات الدينية والإدارية، وهو أمر ستكون له تبعات خطيرة على النسيج الاجتماعي ككل.

لذا، سنواصل متابعة هذه القضية، وسنتخذ كافة الإجراءات القانونية والميدانية اللازمة لضمان تحقيق العدالة، وإعادة الاعتبار لكل المتضررين، وفرض الشفافية داخل الإدارات المعنية.

فالرسالة الدينية السامية لا يمكن أن تكون رهينة للفساد والمصالح الضيقة، ويجب أن تبقى فوق كل الشبهات.

التعليقات مغلقة.