س : الأستاذ محمد السعيد مازغ، ما هي اهم المرتكزات التي شكلت نص العرض الذي القيته خلال اليوم التكويني المنظم بمقر جريدة اسبوعية الانتفاضة؟
ج: ـ خلال اليوم التكويني لفائدة صحفيي جريدتي اسبوعية الانتفاضة وحقائق جهوية صبت مداخلتي في توجيه الشباب العاملين في الحقل الاعلامي وإرشادهم، بغية تحفيزهم على تطوير مهاراتهم، وأيضا تحصينهم من كل العثرات التي قد تعتر طريقهم، وركزت فيها على جانب التثقيف الذاتي والالمام بكل الاجناس الصحفية، وبالثقافة العامة ، وأيضا لامست بعض الجوانب التي تهم الاشتغال الميداني، على اعتبار ان التجربة الصحفية لا تختمر وتنضج الا بالممارسة اليومية والاحتكاك بكل شرائح المجتمع، وامتلاك المهارات والتقيد بالقيم الاخلاقية والمهنية وبمجموعة من الصفات كالجرأة والتواضع وغيرهما، وقد حاولت أن ارتب ذلك في نقط أساسية اعتبرتها بمثابة الوصايا العشر، وهي بالنسبة لي اهم الآليات التي لا مناص من امتلاكها وصيانتها ، واعتبرتها ايضا جواز سفر ميداني يضمن بلوغ المعلومة واستثمارها وفق الشروط والكيفيات التي ينص عليها القانون ، وعنونتها بخارطة الطريق لكل ممارس لمهنة المتاعب.
س ” هل تسمح بسرد تلك الوصايا، وتقريب القارئ منها ؟
أولا هناك حب مهنة الصحافة : فبدون هذا الحب يستحيل الاستمرار والصمود في مهنة المتاعب بامتياز، قد تبدو لمن يجهل قوانينها المفتوحة على جانب من القانون الجنائي، والأخطار والمسؤوليات الجسيمة، مهنة مغرية وبراقة، ذات امتيازات متعددة، وضمنها تصنيفها كسلطة رابعة، واعطاؤها لقب ” صاحبة الجلالة ” ، وفي الوقت ذاته فهي مهنة المخاطر والتحديات والصمود والصبر، وعلى كل، فهي بغظ النظر عن كونها مهنة كباقي المهن الشريفة، فهي نضال يومي من اجل تنوير الرأي العام، وتشكيل وعي مجتمعي، وتمكينه من المعلومة، وتبسيطها لدرجة يفهمها الكبير والصغير، والمتعلم والعامي، وبصفة عامة فهي مرآة تعكس آراء وهموم كافة الشرائح المجتمعية،
أما النقطة الثانية فحددتها اساسا في التواضع الذي يعتبر من اخلاق الكرام، لكونه المدخل الذي يجعل الانسان محبوبا مقبولا، قادرا على الفعل والتفاعل مع المجتمع دون استقواء او استعلاء، وبقدر ما يطمئن المواطن للصحفي وتزداد ثقته به، بقدر ما يتمكن الصحفي من تنويع مصادره والنجاح في مهامه.
العنصر الثالث هو الجرأة في طرح الموضوع :فبدون جرأة يستحيل تناول مجموعة من الملفات خاصة تلك المتعلقة بالفساد ، او المرتبطة بخروقات وتجاوزات من جهات تتوفر على السلطة او المال والجاه، ومن تم ينبغي أن يكون للصحفي الشجاعة الكافية لمناصرة الحقيقة و الدفاع عنها حتى في الظروف الصعبة، مع ضرورة النزول الى الميدان لان العمل الميداني يكسب الصحفي مهارة كبيرة سواء على مستوى الكتابة او طرح الاسئلة او الحوار، والصحافي الناجح هو الذي يلتقي بالناس، يحضر الملتقيات، يحاور، ويناقش، يكتب يستمع، …. وبمعنى آخر يوسع من دائرة معارفه، وينمي المعرفة وملكة الفهم لديه، وتكوين رصيد متجدد باستمرار.
س : هل عنصر القراءة وارد ضمن التوصيات، وما فائدتها بالنسبة للصحفي ؟
ج : من بين العناصر الاكثر اهمية القراءة.. والاطلاع الدائم على أحدث اساليب الكتابة وكيفية الصياغة السليمة.. والحرص على استقاء معلوماته من مصادر موثوقة ومن صحة ما يكتبه للقارئ..
وايضا القدرة العالية على رصد الخبر، و تقييمه ، واختيار التوقيت المناسب لنشره، ضف الى ذلك سرعة الانجاز لجميع المهام المكلف بها، و الوصف الدقيق والعميق وبلغة سليمة ومثينة ومتماسكة، ومن المؤاخذات على الصحافة الالكترونية انها قبل صدور القانون الجديد، كانت مفتوحة في وجه كل من هب ودب، ولم يكن مدير الموقع ومن يعمل معه ملزمون باي مستوى تعليمي،لدرجة ولجها اميون جهلة، أساؤوا الى مهنة الصحافة.
س : انتم تحثون على انغماس الصحفي او الصحفية في المجتمع، وتطالب في الوقت ذاته بوضع المسافة بين الصحفي والمسؤول الا ترون تناقضا في الامر؟
ج : المسؤول كيف ما كانت رتبته ومكانته فهو مواطن، وابن الشعب، والكل يعمل من جانبه وحسب امكانياته ومؤهلاته لصالح الوطن والمواطنين، ولكن ينبغي التنبيه الى ضرورة المحافظة على المسافة غير المخلة بالاحترام والتواصل، غالبا ما تجد بعضا من المسؤولين يسعون دائما للتقرب من الصحفي والسعي الى احتوائه، ـ )والعكس صحيح (ـ وقد تصل هذه “الصداقة” الى تداخل عائلي وتبادل للزيارات وغيرها من العلاقات المتشعبة التي قد توقع بالصحفي او المسؤول في الفخ ، فالاول يجد نفسه في حرج كبير وتناقض مع مبادئه وتقصير في مهمته، لان العلاقة التي اصبحت تربطه بذلك المسؤول تحول دون القيام بواجبه وتنوير الراي العام، والثاني قد يتورط في تهمة افشاء اسرار الادارة وغيرها من المطبات التي لم يحسم فيها القانون بشكل قطعي وتسمح بالتاويلات وبالاجتهاد القضائي، ومن تم فالاشتغال في ظروف طبيعية تستند الى ما يسمح به القانون، والى الضمير المهني، بعيدا عن المغالاة في المحاباة، وتزييف الحقائق، او القفز عليها ، ومن تم فحين نقول اخذ الحيطة والحذر، فنحن لا ندفع الى قطع العلاقات مع المسؤولين، والدخول في مناوشات وصراعات لا تخدم القارئ او المستمع في شيء…. الصحفي هو ابن بيئته، هو من طينة ابناء الشعب، وعليه ان ينفتح على مجتمعه ويفعل ويتفاعل مع كل مستجداته، فلا مناص من العلاقات الخاصة والعامة في اطار من الاحترام المتبادل، لان ذلك يفيد في تماسك المجتمع، والثقة بين افراده، وفي الثقافة العامة وفي جمع المعلومات الكافية بكافة الاخبار سواء سياسية او اجتماعية او رياضية.
س : في بلادنا ما زلنا نجد الصحفي المتعدد الاختصاصات فهو يكتب في الرياضة والسياسة والثقافة والفن… ألا ترون ان هذا التعدد يفقد الصحفي توازنه ويؤثر على عطائه ومردوديته ؟
ج : لنضع النقط فوق الحروف، ليس كل من يكتب في الثقافة او الفن او التربية فهو صحفي، وليس كل من يتوفر على موقع او جريدة فهو صحفي، الصحافة هي مهنة قائمة الذات، لها محدداتها وقوانينها الخاصة، والصحفي كالرقيب، الذي يترصد الاحداث، ويكتشف الحقائق، وينقلها بدقة وروح المسؤولية، بعيدا عن طابع التحرير الادبي، والجمل الطويلة، والمترادفات وغيرها، الصحفي قد يواجه احيانا صعوبات ومواقف لا يحسد عليها، فغالبا ما يتوصل بدعوات لحضور ملتقيات ثقافية او رياضية واحيانا مهنية ، وقد يجد الصحفي صعوبة في استيعاب بعض المصطلحات واحيانا فهم الموضوع والكتابة فيه بما يقنع القارئ بمختلف مشاربه، ويوصل الفكرة بشكل واضح لا لبس فيه، وأيضا قد يقف امام شخصية لمحاورتها ، فيجد نفسه أمام مبالغات ومعلومات تتنافى والواقع، وتجنبا للوقوع في مثل هذه المواقف المحرجة، على الصحفي ان يضع في حسبانه جميع الاحتمالات، ” اللي خلا حرف من السنة يعاقب به ” ، وأعني:
إدارة الحوار في الحديث الصحفي يجب ان تقوم على خطة مبنية على الاعداد المسبق للاسئلة، واول ما ينتبه اليه الصحفي الطريقة المثلى التي ينبغي ان يبدأ بها الحوار، وفي الاسلوب الامثل للدخول في المناقشة مع المتحدث، لأن البداية هي التي تعطي الانطلاقة الجيدة والانطباع الاول الذي سياخذه المتحدث عن المحرر، ان هذه الخطوة التي تتمثل باستهلال الحديث تعتمد على ذكاء الصحفي وحسن اختياره كذلك، فقد يبدأ هذا الصحفي حديثه عن صورة جميلة وجدها معلقة على الحائط، أو تحفة فنية وضعت على الطاولة، او كلمة رائعة او شعار معلق على الحائط، أو عنوان كتاب موضوع على المنضدة، ومن تم باسلوب لطيف ينتقل الى التطرق الى هواية المتحدث، ثم من هذه الهواية يصل غالبا الى موضوع الحديث. وتاتي بعد ذلك خطوة توجيه الاسئلة، مع الانتباه الى طريقة صياغة تلك الاسئلة حتى لا نسقط في الاجابات بنعم او لا . فإذا سألت محدثك، هل كانت الوزيرة الحقاوي صائبة حين اشارت الى أن من يمتلك ورقة نقذية من فئة 20 درهم لا يعد فقيرا ؟ سيجيبك بلفظ نعم، أو لا ، ولكن إن سألته مثلا ” : لو كنت رب اسرة ، وعندك 20 درهما، ما هي أهم الخطوات التي تقوم بها من اجل تدبير المبلغ وإنقاذ الاطفال من الجوع؟ مع اعطاء المتحدث الفرصة كاملة للافصاح عن آرائه، وتقديم ما يريد من معلومات،دون اغفال إظهار اكبر قدر من الاحترام للشخصية والاهتمام بكلامها ومواقفها وارائها مهما كانت نوعيتها.
من الوصايا ايضا دقة الملاحظة، فالصحفي ينجح في الكشف عن حقائق مثيرة، ومعلومات هامة بسبب دقة الملاحظة وطرح أسئلة دقيقة ومستنتجة من تصريحات المستجوب.
س : اعتدنا على قراءة اخبار غير صحيحة ، واخرى تنبش في الحياة الخاصة للاشخاص، فماذا يمكنكم قوله في هذا الباب ؟
ج : طبيعي أن استنكر كل السلوكات المشينة، وأحث على الموضوعية والمصداقية، فحين يتناول الصحفي موضوعا ما ، ينبغي ان يتغيى الحقيقة، ويكرس جهده من اجل بلوغها، كما تقع على عاتق الصحافة مسؤولية احترام القوانين والأنظمة، وأن يضع نصب عينيه المسؤولية الشخصية تجاه ما يكتبه، وايضا مراعاة مشاعر الاخرين، كما ينبغيا بتعاد الصحفي عن آرائه الشخصية و يقوم بكتابة الخبر دون أي زيادة عليه.
التعليقات مغلقة.