الانتفاضة// إلهام أوكادير
قدّم رئيس الوزراء سيباستيان لوكورنو إستقالته إلى الرئيس “إيمانويل ماكرون”، صباح اليوم الاثنين، في خطوة فُسّرت على نطاق واسع بأنها انعكاس مباشر لتعمق الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد منذ أشهر، والتي لم تنجح أي حكومة متعاقبة في احتوائها.
وقد جاء إعلان الاستقالة عبر بيان صادر عن قصر الإليزيه، أكد فيه أن الرئيس “ماكرون” قبل استقالة لوكورنو، الذي لم يمضِ على تعيينه سوى أقل من شهر، بعدما كُلّف بتشكيل الحكومة في التاسع من شتنبر الماضي خلفاً ل “غابرييل أتال”، ابرز تشكيلة حكومته الجديدة في سعي منه لاحتضان الأزمة السياسية.
في “لوكورنو:، الذي وُصف بمحاولة ماكرون الجديدة لإنقاذ التوازن السياسي في ولايته الثانية، برر قراره قائلاً: “لا يمكن أن أكون رئيس وزراء عندما لا تستوفى الشروط لذلك”، مضيفاً أن “الظروف لم تكن مناسبة لأصبح رئيساً للحكومة”.
كما أوضح أنه سعى إلى بناء توافق وطني مع الشركاء والنقابات لتجاوز حالة الإنسداد السياسي، غير أن “الأحزاب السياسية لم تُبدِ أي مرونة، وظلّت متمسكة بشروطها وبرامجها دون تقديم تنازلات”.
هذه الإستقالة جاءت بعد ساعات فقط من كشف “لوكورنو” عن تشكيلة حكومته الجديدة مساء أمس الأحد، وهي الثالثة التي تعلن في أقل من عام، ما يعكس حجم التوتر داخل الطبقة السياسية الفرنسية.
فهذه التشكيلة، أثارت انتقادات واسعة من المعارضة، خاصة من صفوف اليمين المتشدد، الذي اعتبر أن الحكومة “لا تمثل تغييراً حقيقياً بل إعادة تدوير لوجوه سابقة”، على حد تعبيرهم.
وتعيش فرنسا ومنذ الانتخابات التشريعية المبكرة العام الماضي، على وقع مأزق مؤسساتي غير مسبوق، إذ أفرزت صناديق الإقتراع برلماناً منقسماً بين ثلاث كتل سياسية كبرى: اليمين المتطرف، اليسار، وتحالف الوسط الداعم للرئيس ماكرون، مما جعل تمرير القوانين الأساسية تحدياً يومياً للحكومة.
ومما لا يخفى، فإن الرئيس “ماكرون” يواجه اليوم اختباراً جديداً في مساره السياسي، إذ يتعين عليه تعيين رئيس وزراء جديد قادر على كسر الجمود البرلماني واستعادة الثقة في مؤسسات الدولة، بينما يزداد الشارع الفرنسي توتراً في ظل تراجع المؤشرات الإقتصادية واحتقان إجتماعي، يغذي موجات الإضرابات والإحتجاجات.
ويرى مراقبون أن استقالة “لوكورنو” و في هذا التوقيت ، تمثل ضربة قوية لمحاولات “ماكرون” إعادة ترتيب بيته الداخلي، وأنها قد تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من
الإضطراباتالسياسية، في وقت تبدو فيه السلطة التنفيذية عاجزة عن تحقيق توازن مستقر بين القوى المتصارعة في المشهد الفرنسي.