الانتفاضة // إلهام أوكادير
ليس من السهل أن تكتب عن برلمان يتشكل في بلد أنهكته الحروب والتهجير، لكن ما يحدث في سوريا اليوم يفتح الباب أمام تساؤلات أوسع من مجرد إعلان أسماء نواب. فقد قام الرئيس المؤقت “أحمد الشرع” بتعيين ثلث أعضاء البرلمان البالغ عددهم 210، فيما أُوكل اختيار البقية إلى هيئات ناخبة جرى تشكيلها عبر لجنة إنتخابات هو نفسه من عينها، الأمر الذي أثار تخوفات من أن يظل المشهد السياسي أسير توجه واحد، يطغى على تركيبة المجلس.
“الشرع” الذي انتقل من ماضيه الجهادي إلى مقعد الرئاسة مثّل أبرز المفارقات في المشهد السوري؛ كان قائداً لتنظيم “جبهة النصرة” المرتبطة بالقاعدة، وملاحقاً من الإستخبارات الأمريكية التي رصدت عشرة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه، قبل أن تتحول صورته جذرياً مع رفع إسمه من قوائم الإرهاب وإلقائه خطاباً باسم سوريا في الأمم المتحدة، في أول ظهور لرئيس سوري أمام المنبر الدولي منذ ستة عقود، من “ملاحق مغضوب عليه”، إلى “مقاعد الشرعية الدولية”، ما يُظهر حجم التحول المثير للجدل في حاضر سوريا.غير أن المشهد البرلماني يبقى مُعقداً، فجزء من المقاعد سيظل شاغراً بسبب صعوبة إجراء الإنتخابات في دوائر تشهد توتراً أمنياً، و هي الدوائر التي تمثل في الغالب طوائف وعرقيات تشتكي ومنذ سنوات من التهميش السياسي، ما يجعل غيابها عن البرلمان الجديد مصدر قلق إضافي، حول مدى شمولية العملية السياسية.
إلى جانب ذلك، يرى بعض المواطنين أن الإقتراع المباشر بشكل عملي لن يتأتى في الوقت الحالي، بالنظر لواقع ملايين النازحين والدمار الواسع الذي لحق بالبنى التحتية، منذ اندلاع الحرب عام 2011.
كما أن التحول الديمقراطي في سوريا، كما يؤكد مراقبون، لا يمكن أن يُختزل في إنتخابات سريعة أو مجالس شكلية، بعد سبعين عاماً من حكم البعث وما تلاه من قمع واضطرابات، إذ يحتاج هذا المجتمع إلى إنتقال تدريجي، يضمن التعددية ويستوعب مختلف مكونات الشعب، و بالشكل الذي يرقى لطموحات الداخل و يتصدى لضغوط الخارج.