الانتفاضة // شاكر ولد الحومة
بمراكش الحمراء والتي تجتمع فيها كل المتناقضات، تعيش حديقة مسجد الوحدة الخامسة بالداوديات على واقع تجمع العشاق لتبادل الغزل والقبل وأشياء أخرى.
كما تشكل الحديقة ملاذا للسكارى والشمكارا والبوعارا وكل من لم يجد مأوى.
زيارة خفيفة لتلك الحديقة سيبدو لك المشهد التالي:
شباب يافع عاري الصدر وشابات عاريات مائلات مميلات يتبادلن الحديث والقهقات في أوضاع حميمية لا تقام إلا في المنزل بين الزوجين.
بعض الشابات ينتظرن خليلا معينا أو صديقا مفترضا أو ضحية من الضحايا.
كراسي مملوءة بالمراهقين ينتظرون صاحبات الهوى.
أصحاب الدراجات (مسطاسيونين) ينتظرون هم كذلك فرصة للتغزل إلى بنات مراكش أو غيرها من بنات المملكة الشريفة، في واضحة النهار وممارسة الحب الحرام أمام المسجد وبدون احترام لهذا المكان الطاهر.
أما بالليل فحدث ولا حرج وربما تقام الليالي الحمراء والتي يدنس فيها الشرف تدنيسا من قبل أولاد وبنات المسلمين والمسلمات.
سؤال يهزني هزا:
أين الأباء والأمهات؟
أين المدرسة؟
أين الإعلام؟
أين الجمعيات؟
أين دور الشباب؟
أين الأحزاب السياسية؟
أين؟ و أين؟ وأين؟
لا أحد في هذه البلاد يقوم بدوره إلا ما رحم ربك وقليل ما هم، وإلا لما رأينا هذه الجحافل من المراهقين بل وحتى من (الشراف والشارفات) من يجلسون جلسة مخلة بالأدب والحياء العام وهم يتبادلون القبل واللمس والهمس وأشياء أخرى.
ظننت في البداية أن القوم ربما يكونوا أزواج أو أن الشباب ياتي إلى تلك الحديقة للاستجمام (واخا ما فيهاش حس الاستجمام)، أو ربما أن الافواج المتفوجة تأتي إلى المسجد لأداء الصلاة على اعتبار أن الحديقة مجاورة ومحادية وملاصقة للمسجد.
لكن خاب ظني في الأخير حين علمت أن القوم لا يصلون أصلا، وحولوا حديقة المسجد إلى (جاردان دامور).
وأن العشاق ياتون إلى هناك لاكتشاف التضاريس واستغوار المنعرجات والهضبات، وتصيد الفرائس والطرائد، وأكل الحلوى.
فما على الأجهزة الأمنية إلا زيارة المكان للوقوف على بشاعة المشهد وقرف المنظر وجنسانية اللقطة.
إنها البشاعة في أبشع بشاعاتها.
أو إن شئت فقل إنها نتيجة الحضارة الزائفة والتطور المقلوب والعلمانية الجنسية والحداثة المفترى عليها.
فهل الحداثة والتطور والعلمانية والحضارة هي التعري في الحديقة المجاورة للمسجد الذي تقام فيه الصلوات الخمس وصلاة الجمعة؟
وهل الحداثة والتطور والعلمانية والحضارة هي لبس اللباس القصير والعاري والكاشف والواصف والمزير والمقزب؟
شعور منسدلة وسيقان عارية وصدور مكشوفة وملابس ضيقة وماكياج مثير وعطور تعطر المكان، وتزكم الأنوف.
كيف أمام هذه المدلهمات لا يمكن لهؤلاء الجنسانيين أن يتخذوا من حديقة المسجد ملاذا لقضاء النزوات الشيطانية الحيوانية البهيمية بعيد عن رقابة الوالدين والأمن إلا ما كان من رقابة الله تعالى فإنه سبحانه وتعالى هو الخبير العليم.
وأنه سبحانه وتعالى يمهل ولا يهمل.
نجانا الله وإياكم من تبعات هذه الأجيال المقرفة و التي انساقت وراء الموضة كما تنساق الشاة المسلوخة أمام سالخها.
فلا دين أبقينا ولا دنيا انتفعنا.
للأسف الشديد.