الانتفاضة // حسن الخباز
كلنا نعلم أن أغلب القوانين الوضعية تعتريها عدة ثغرات، والشيطان يكمن في التفاصيل كما يقال، وهناك عدة مواد وبنود قانونية يجب إعادة النظر فيها زتكييفها مع الأوضاع الاجتماعية ، وأن تكون العقوبات بحجم الجرم .
ومن بين المواد التي يجب تعديلها نجد على سبيل المثال لا الحصر البند الخاص بالسكر العلني ، خاصة وأن أغلب الحالات بهذا الخصوص تتجاوز السكر العلني لإزعاج المواطنين والتفوه بكلمات نابية ، فضلا عن السب و القذف و التهديد …
لكن الجانح بتهمة السكر العلني يتم اعتقاله تحت تذابير الحراسة النظرية لمدة لا تتجاوز ثمانية واربعين ساعة ، ثم يطلق سراحه ليعيث في الأرض فسادا من جديد ويزعج المواطنين ويخل بالحياء العام …
بالله عليكم ، كيف يكون إحساس أب وهو في قلب بيته مع أسرته الصغيرة المكونة من ذكور وإناث مراهقين ، كيف يحس شاب أمام أخته آمن في بيت أسرته وهو يسمع ما لذ وطاب من أفحش الكلام الذي يستحي المرء من سماعه لوحده فما بالك أمام أسرته .
لقد تلقيت عدة شكاوى بهذا الشان ، و اتصلت عدة مرات بالشرطة لكن للأسف لم يحضر ولو عنصر شرطة واحد ، وهم معذورون طبعا ولهم أسبابهم ، فكيف يعتقلون جانحا في حالة سكر والقانون لا يسمح باعتقاله لأزيد من يومين على أبعد تقدير .
أكد لي صديق يعمل في سلك الأمن أن السكران يزعجهم في معقل الحراسة النظرية بالدوائر الأمنية ، لا يحق لهم ضربه مهما فعل ، حتى لو سب وشتم الشرطة فلا يحق لهم تأذببه . لذلك لن يضيعوا وقتهم بإحضاره لمخفر الأمن من أجل عقوبة تافهة لن تتعدى يومين .
لذلك نحن بحاجة لروح القانون ، فقد حكى أحد عناصر الشرطة كان يعمل في عهد إدريس البصري أنه اعتقل أحد الجانحين ومعه فطعة حشيش صفيرة ، و أثناء إعداده للمحضر ، غفله الجانح وابتلع قطعة الحشيش في تحدي لمحرر المحضر .
فما كان من المحرر إلا أن أخرج من درج مكتبه قطعة أكبر ووضعها أمام الجانح وأمره بابتلاعها كما فعل بالقطعة الاولى ، لكن الجانح طبعا لن يستطيع لأنها كفيله بوضع حد لحياته ، واضطر الشرطي لتقديمه بالقطعة الكبرى عوضا عن الصغرى التي ابتلعها .
وعودة لموضوع السكر العلني و إزعاج المواطنين ، فقد نضطر لا قدر الله لتطبيق شرع اليد ، وقد يتفق أهل الحي كما هو الشأن بالنسبة لحينا أن يعيدوا تربية الجانح بطريقتهم وبشكل جماعي حتى يتفرق دمه بين القبائل ، مادام القانون لا يحميهم في هذه الحالة ، …
كم من شاب يستطيع وحده إعادة تربية مثل هذه النماذج لكن للأسف إذا فعل ذلك سيتم اعتقاله و سيصبح مجرما بشمل رسمي بعد قضائه مدة سجنية فقط لأنه دافع عن حرمة حيه ولم يقبل بالمنكر .
هناك عدة بنود يجب تعديلها ، فمثلا إن اعتدى عليك لص وسلبك اموالك وهاتفك وكنت قادرا على مواجهته ولقنته درسا لن ينساه عبر علقة ساخنة ستكون أنت الجاني ، ولن يكون القانون بجانبك على أساس أنك دافعت عن نفسك ..
أين المشرع المغربي ، أين رجال القانون ، وزير العدل ، رئيس النيابة العامة ، القضاة ، المحامون ، هذا نداء موجه إليكم بالخصوص ، يجب إعادة النظر في الكثير من بنود القانون أنتم أدرى بها ، وعليكم التدخل بهذا الخصوص وتدارك الامر حتى لا نقع في ما لا تحمد عقباه . والكرة في ملعبكم والكلمة الفصل بين أيديكم .
وفي انتظار ذلك ، يجب على كل عقلاء هذا الوطن العاملين في مجال الإعلام ان يخصصوا حيزا هاما ضمن موادهم الإعلامية لمثل هذه المواضيع التي تشكل قنابل موقوتة يجب أن نحذر من انفجارها في أي لحظة .
كما ان كلامي موجه لرواد المنصات الاجتماعية لإنشاء هاشتاغات حول هذا الموضوع الشائك ، فلا يمكن أن نغفل دور وسائل التواصل الاجتماعي في حل قضايا حساسة ، بل والإطاحة برؤوس حكام طالما جثمت على صدور شعوبها .
التعليقات مغلقة.