الانتفاضة
دخل الديوان الملكي على خط عدد من المشاريع الاستراتيجية التي تشهد تعثرا ملحوظا موجها مراسلات رسمية إلى عدد من الوزراء والقطاعات الحكومية، طالبا توضيحات دقيقة حول أسباب التأخير والإجراءات العاجلة المنتظرة لتدارك الخلل وضمان احترام الجدولة الزمنية المحددة سلفا.
ووفقا لمصادر مطلعة، فقد شملت هذه المراسلات كلا من وزير النقل واللوجستيك عبد الصمد قيوح ووزير الإدماج الاقتصادي والتشغيل يونس السكوري ووزير الفلاحة أحمد البواري ووزير التجهيز والماء نزار البركة.
وتندرج هذه الخطوة في إطار دينامية جديدة لمتابعة الأوراش الكبرى خاصة تلك المرتبطة بالتحضيرات لمونديال 2030، فضلا عن المشاريع الهيكلية الحيوية في مجالات الطاقة، الأمن الغذائي، الإسكان، والتشغيل.
ويعكس هذا التدخل المباشر من المؤسسة الملكية تشبثا واضحا بضرورة التقيد بالالتزامات الوطنية والدولية في لحظة دقيقة يراهن فيها المغرب على إنجاح تنظيم كأس العالم بشراكة مع إسبانيا والبرتغال وتحويل هذه التظاهرة العالمية إلى رافعة قوية للتنمية الشاملة والتأهيل الحضري وتحسين البنيات التحتية على كافة الأصعدة.
كما تبرز هذه الخطوة القلق من مظاهر البطء والتأخر في إنجاز عدد من المشاريع المهيكلة وما يصاحبها من غياب التنسيق بين القطاعات الحكومية ما قد يؤثر سلبا على المصداقية العامة للسياسات العمومية ويخيب آمال المواطنين الذين يعولون على هذه المشاريع لتحسين ظروف العيش وخلق فرص الشغل وتعزيز الأمن الاقتصادي والاجتماعي.
وتفيد تقارير ميدانية بأن عددا من الأوراش يواجه تحديات تقنية وإدارية إلى جانب ارتباك واضح في تدبير الصفقات العمومية، وهو ما يعمق الحاجة إلى تدخل حازم يعيد ضبط إيقاع الإنجاز ويضع حدا لمنطق الانتظارية.
وفي سياق متصل، يتابع الاتحاد الدولي لكرة القدم عن كثب الترتيبات الجارية بالمغرب استعدادا لمونديال 2030، خصوصا فيما يتعلق بالبنيات التحتية الرياضية، والطرقية، وشبكات النقل والإقامة، وهو ما يضاعف حجم التحديات الملقاة على عاتق الحكومة المغربية لتكون على مستوى الحدث والالتزامات الدولية.
ولا يقتصر الرهان المغربي على تنظيم نسخة ناجحة من كأس العالم، بل يمتد ليشمل تسريع عجلة الإصلاح الداخلي واستثمار هذه المناسبة التاريخية لتحقيق نقلة نوعية في البنية التحتية والتنمية المستدامة، أسوة بتجارب دول أخرى جعلت من المونديال نقطة تحول فارقة في تاريخها.
وفي انتظار التفاعل الرسمي من قبل الوزراء المعنيين، تظل رسالة الديوان الملكي حاملة لدلالات سياسية ومؤسساتية قوية، فزمن التردد لم يعد مقبولا، والتقاعس لم يعد خيارا، في مرحلة تتطلب التعبئة الشاملة واليقظة الدائمة، لما فيه مصلحة الوطن وسمعة الدولة أمام الداخل والخارج.