بين نيران الحلفاء والأعداء… لو امتلك المغرب القوة، ففي صف من يقف؟

الانتفاضة                                                                         بقلم محمد السعيد مازغ 

لو قُدّر للمغرب أن يمتلك القوة الاقتصادية والتكنولوجية للصين، أو النزعة التدخلية التي تطبع السياسة الخارجية للولايات المتحدة، فمع من كان الأحرى أن يتحالف؟ سؤال افتراضي، لكنه يعكس واقعًا مشحونًا، ويكشف حجم التباين في المواقف تجاه الصراعات المحتدمة في الشرق الأوسط، والتي لا تزال تلقي بظلالها على الأمن والاستقرار الإقليميين.

فئة من الرأي العام ترى في إسرائيل امتدادًا للجالية اليهودية المغربية، ذات الجذور العميقة في الثقافة والهوية الوطنية، وتعتبر أن الواجب، في حال اندلاع حرب شاملة، هو فتح أبواب العودة أمامهم، وتوفير النقل والإيواء لهم داخل وطنهم الأصلي. بل ويقترح بعضهم، انسجامًا مع اتفاقيات التطبيع والمعاهدات الثنائية، دعمًا سياسيًا وربما حتى عسكريًا لإسرائيل، في مواجهة إيران.                                 في المقابل، يرى آخرون أن إسرائيل تمثل العدو التاريخي للأمة، المسؤول عن تهجير الفلسطينيين، وقتل الأطفال والنساء، وتوسيع رقعة الاستيطان على حساب ما تبقى من الأراضي الفلسطينية، وخاصة في غزة، حيث يُدفع المدنيون دفعًا نحو الخروج القسري من ديارهم وسلبهم ما تبقى من حقوقهم. وبحسب هذا التصور، فإن إيران – رغم كل تحفظات البعض عليها – تُعد الدولة الوحيدة التي تجرأت على مواجهة إسرائيل، وتمتلك من أدوات الردع ما قد يجعلها قوة موازنة للغطرسة الإسرائيلية، ما يدفع بعض الأصوات إلى مناصرتها من منطلق “تحقيق التوازن الاستراتيجي”.

غير أن رأيًا ثالثًا يتبنى موقفًا أكثر تشددًا وتوازنًا في آن واحد، ويعتبر أن إسرائيل وإيران وجهان لعملة واحدة: فإسرائيل تفتك بفلسطين، وتعادي كل ما له صلة بالإسلام والعروبة، بينما تمعن إيران في التدخل في شؤون الدول، وتُغذي الطائفية، وتدعم النزعات الانفصالية، بما يهدد وحدة الدول واستقرارها. وبحسب هذا الرأي، فإن كبح جماح الطرفين معًا، هو السبيل الوحيد لصون المنطقة من مزيد من الانفجار.  :    ” فالله يقوي شيطانهم ، ويصدع اركانهم ويحد من عدوانهم ”                                                                              وسط هذا المشهد المتشابك، تظل الحقيقة الكبرى أن الشعوب وحدها من تدفع ثمن الصراعات، وأن منطق الهيمنة لا يعترف إلا بلغة القوة، بينما تُداس القيم والمبادئ تحت أقدام المصالح والحروب بالوكالة، باسم حقوق الإنسان، واحترام سيادة الدول، ومكافحة الإرهاب والتحالفات…                                                                                            ويبقى الأمل الوحيد هو أن يُجنب الله المغرب وكل شعوب المنطقة ويلات الحروب، وأن يحفظها من شرور الظالمين والمستبدين الذين لا يؤمنون إلا بالقوة، ولا يُقيمون وزنًا لحياة الأبرياء والأمن الغدائي والسلم الإجتماعي والتعايش … ففي عالم تهاوت فيه المعايير، وغاب فيه الضمير، لم يبقَ للمستضعفين سوى التضرع بأن يُجنّبهم البلاء، وأن يحمي أوطانهم من مطامع قوى لا تؤمن إلا بمنطق السيطرة والتفوق.

التعليقات مغلقة.