الانتفاضة/ محمد خلوقي
مع الذكاء الاصطناعي وقدرته على إعداد مواضيع متكاملة في كل المجالات . لوحظ تزايد انبعاث فئة من الناشرين الجدد ، حيث تزاحمت منصاتهم التواصليةبمقاطع ورسائل حكمية ووعظية ، ومقالات ، وتحليلات متنوعة وقصص وروايات بلغات متنوعة ، فيها من البلاغة والجمالية والإحكام ما يدخل الاستغراب ، وأحيانا الريية في قدرات هذا المرسِل المجهول التكوين .
والحقيقة ان أغلب هذه الفئة من الناشرين الجدد المجهولي الهُوية ، هم خُلْوٌ من هذه التوصيفات الرفيعة ، فهم مجرد ناسخين او وسطاء تقنين بين المعطى المنقول ومنصة النشر ، ، ليس لهم من ذاك الابداع المنشور سوى اسماء وتوقيعات يوهمون بها المتلقي – دون حياء او تورع -بأن ذاك العمل من إنجازهم او إبداعهم الشخصي ، وأنَّى للسارق من مثل هذا السلوك من التورع والحياء .؟؟!!
فليس هناك مانع او عيب في الاستفادة من انجازات وابداعات الاخر، و التي يجمعها لنا هذا الذكاء الاصطناعي بطرق سهلة ومنظمة ومنمقة ، لكن العيبَ هو ان ينسب المرء عملا لنفسه وهو لم يبذل فيه سوى جهد النسخ والالصاق .
والحقيقة ان هذه السرقة او السطو او ما يسمى (بالانتحال الابداعي )، هي ظاهرة سلوكية تخفي ما تخفي من النقص والضعف في التكوين اللغوي والفكري والمنهجي لمن يريد ان يصل هدفه دون جهد ؛فالنحلة تجوب الافاق ،وتنتقل من حقل الى حقل لتجمع النافع وتصنع منه عسلا طيبا ، ،وياتي الذباب ليستفيد منه ، ودون حياء يدعي انه هو صانعه ومنتجه. لكن العقل والذوق السليم يفرق بين الصانع والصنعة .
والنتيجة ان هذا السلوك سيغْمِط المبدع الحقيقي حقَّه وجهدَه ومكانتَه، ويُخفي أو يُبهث هُويتَه ، ويحل محله مرتزقة من ( النقرة / النقلة)اصحاب الجهد الاقل ، الذين يلهثون وراء نجومية سهلة، ويتقنون ويتفوقون فقط في سرعة البحث والنسخ والالصاق ، دون تمحيص او بحث او نقد او إضافة او إحالة الى المراجع الاصلية ، بحيث يكتب احدهم في الموقع اسم الموضوع او الفكرة ، فيأتيه المطلوب سهلا ومُرتبا ومُنمقا في اجناس تعبيرية مختلفة : سواء جنس المقالة ،او القصيدة او القصة او الرواية او المسرحية ..، ولا يظهر الجهد الاصلي للمرسِل إلا في نسبه الرسالةَ الى نفسه .ليتلقى بعدها كما هائلا من التعليقات من جمهور غافل وساذج ، يقدم فيها عبارات المدح والاعلاء والاشادة بالموضوع تفكيرا وتعبيرا .وربما ان البعض من هذا الجمهور نفسه يدخل ضمن زمرة النساخ و النقلة اصحاب الجهد الاقل ، الذين يكتفون بعبارات منقولة ، مما صار يتيحه لهم هذا الذكاء الاصطناعي . .
إنه زمن السطو والسرقة والانتحال .
وأمام هذه الظاهرة ، فهمت الان معنى عبارة سقراط: (تكلّّم حتى اعرفك ).
وأضيف اليها عبارتي الشخصية:
( فكر ْوعبِّرْ حتى أعرفكَ واحترمكَ).
التعليقات مغلقة.