الانتفاضة/ شاكر ولد الحومة
في مشهد يختزل بؤس العلاقة بين القانون والسلطة في بعض المؤسسات، وبعين باردة لا تعترف لا بتقارير خبرة “قامت بها عمالة مقاطعات انفا بالبيضاء” ولا بأخلاقيات المرفق العمومي، شهد حي الزرقطوني – تقاطع أنفا بمدينة الدار البيضاء – تجاوزاً خطيراً لما نص عليه تقرير رسمي صادر عن جهة مختصة.
الموضوع يتعلق بموقع مشروع استثماري كبير، سبق أن انطلقت فيه الأشغال لبناء فندق مكون من 14 طابقاً، وبعد توقف اضطراري للمشروع نتيجة نزاع، أجريَت خبرة قضائية رسمية حددت بشكل صريح أن الحفرة الموجودة بالموقع، والتي امتلأت بالمياه، تشكل خطراً، ويجب أولاً تصريفها وتأمين المكان قبل اتخاذ أي إجراء آخر.
لكن ما حدث بعد ذلك لا يمكن إلا أن يُوصف بالعبث الممنهج، تم بتنسيق من مجلس مقاطعة سيدي بليوط عبر شركة “Casa Aménagement” وبتغاضٍ واضح من السلطة المحلية، الشروع في ردم الحفرة بكمّ هائل من الأتربة والحجارة، دون أدنى اعتبار لما ورد في تقرير الخبرة، ودون إشعار الجيران أو استدعاء مكتب الخبرة لتتبع إجراءات السلامة والاحتياطات التقنية المعتمدة في مثل هذه الحالات.
أسئلة ثقيلة تبحث عن جواب
ـ كيف يمكن لمؤسسة عمومية أن تتجاهل تقرير خبرة هي من امرت به؟
ـ لماذا لم يُستدعَ مكتب الخبرة لمراقبة الأشغال و تتبع الاجراءات؟
ـ أين كانت السلطة المحلية وهي ترى شاحنات الردم تفرغ حمولتها في حفرة مائية وسط حي سكني؟
ـ ومن سيتحمل مسؤولية الأضرار المحتملة التي قد تمس بالبنايات المجاورة أو تهدد البنية التحتية؟
ـ و من سيعوض الشركة التي وضعت الرافعة باسفل الحفرة و اليوم تم وضع الاثربة و الحجارة فوقها؟
ما جرى ليس مجرد خطأ تقني… بل استخفاف علني بالقانون و محاولة لعدم مشروع استثماري كبير رأس ماله 15 مليار سنتيم.
ما وقع لا يتعلق بتدبير ميداني بسيط، بل هو خرق مباشر لمبدأ أساسي: احترام الخبرة التقنية كمصدر محايد وملزم في البنايات و المشاريع العمرانية.
وعندما يتم تجاهل هذا النوع من التقارير، فإن ذلك يعني عملياً تعطيل جميع السلط، وتعريض الناس والممتلكات لخطر محتمل بسبب قرارات مرتجلة قرارات عمياء.
صرخة في وجه الصمت
إن ردم الحفرة كان يجب أن يكون تحت إشراف تقني صارم، وبمعايير السلامة، لا عبر قرار بيروقراطي سريع أُريد به طي الملف بأي ثمن، حتى وإن دفنت تحته الحقيقة.
المستثمرون والجيران اليوم لا يطلبون أكثر من العدل والوضوح،
من أمر بالردم؟
لماذا لم يُراعَ تقرير الخبرة؟
وأين مسؤولية “Casa Aménagement” والسلطة المحلية في تأمين الأشغال طبقاً للمعايير القانونية؟
الخلاصة
الحفرة التي كانت موقع مشروع استثماري واعد، أصبحت رمزاً لحفرة أعمق في الالتزام بسيادة القانون.
وقد يكون الأسوأ لم يقع بعد، لأن المياه التي لم تُصرف ما تزال حبيسة تحت الأتربة… مثل الحقيقة تماماً.
التعليقات مغلقة.