مكناس ..تدوينة مستشار جماعي عن الحزب الاشتراكي الموحد بمجلس جماعة مكناس، جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية المحلية

الانتفاضة

أثارت تدوينة مستشار جماعي عن الحزب الاشتراكي الموحد بمجلس جماعة مكناس، جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية المحلية، بعد أن تناول فيها بطريقة هجومية تنفيذ قرار قضائي نهائي يخص تجريد مستشارين من حزب التجمع الوطني للأحرار من عضويتهم، مستخدمًا عبارات لاذعة مثل “بؤس السياسة” و”صور بئيسة عن عقم السياسة بالمغرب”.

ما أثار الاستغراب في هذه الخرجة، ليس فقط المضمون السياسي الموجّه، ولكن السؤال البسيط الذي يطرحه الجميع وهو ما علاقة هذا المستشار بتنفيذ قرار قضائي لا يخصه لا من قريب ولا من بعيد؟ ولماذا ينصّب نفسه وصيًا على المشهد الجماعي وعلى قرارات السلطة القضائية، وهو الذي لا تربطه بالملف لا صفة قانونية ولا مصلحة مباشرة؟

الأكثر حرجًا أن صاحب التدوينة أستاذ جامعي بكلية الحقوق، ومع ذلك وقع في خلط فادح بين “العزل” و”التجريد”، في وقت يُفترض أن يكون أول من يميّز بين المفاهيم القانونية، لا أن يُشوّش على الرأي العام بمصطلحات غير دقيقة، توهم بوجود تدخل أو تصفية حسابات، بينما الأمر لا يعدو تنفيذًا لحكم نهائي صادر عن محكمة إدارية.

لكن خلف هذا الخطأ القانوني، يلوح مضمون سياسي أكثر إثارة حول ما إن تحوّل الحزب الاشتراكي الموحد بمكناس إلى لسان حال حزب الأحرار؟ وكيف لمستشار ينتمي لحزب يُصنّف نفسه ضمن المعارضة الجذرية في البرلمان، أن يتماهى مع خطاب حزب يقود الحكومة وينتقده حزبه علنًا في كل مناسبة؟ وهل يقبل رفاق نبيلة منيب أن يُستخدم اسم الحزب كأداة داخلية لتصفية صراعات المجلس المحلي، ولو على حساب استقلالية القضاء؟

في الواقع، لا يتعلق الأمر بموقف سياسي معزول بقدر ما يُظهر استسهالًا للتموقع والانحياز على حساب منطق المؤسسات. إذ لم نر من المستشار المذكور أي مداخلة موضوعية تدين سوء تدبير المجلس الحالي، أو غموض ملفات جماعية شائكة، لكنه اليوم يظهر في واجهة الدفاع الضمني عن مستشارين صدر في حقهم قرار قضائي واضح، وكأن القضية تخصه شخصيًا.

الواضح أن هذه التدوينة لا تخدم إلا هدفًا واحدًا ألا وهو التشويش. أما الحديث عن “بؤس السياسة”، فالأحرى أن يُوجَّه لمن يتخلى عن استقلاليته الحزبية، ويخوض معارك لا تعنيه، ويستغل صفته الجامعية والحزبية لتوجيه رسائل مبطّنة، لا دفاعًا عن القانون، بل لحسابات غير معلنة.

يبقى الأجدر، سياسيًا وأخلاقيًا، أن يُسائل هذا المستشار نفسه، لماذا يتألم كل هذا الألم لتجريد أعضاء من حزب ليس حزبه؟ ولمصلحة من يشتغل فعليًا؟ وهل أصبح “يسار مكناس” خادمًا في بلاط من يعارضه “يسار الرباط”؟ الحقيقة هي أن المفارقة موجعة فعلا لكنها كاشفة.

التعليقات مغلقة.