أقرب نظرة إلى الشمس

صورة غير مسبوقة تكشف أسرارًا دقيقة من سطح نجمنا العملاق

الإنتفاضة // إلهام أوكادير // صحفية متدربة

في سابقة علمية بارزة، نجح فريق من الباحثين الأميركيين، بإشراف من المرصد الوطني الشمسي التابع للمؤسسة الوطنية للعلوم، في إلتقاط أدق صورة تُسجل حتى الآن لسطح الشمس، كاشفين عن تفاصيل مذهلة وغير مسبوقة للبنية الدقيقة لهذا النجم الملتهب.

وقد تم توثيق هذا الإكتشاف، في دورية The Astrophysical Journal، ضمن دراسة تُعد علامة فارقة في علم الفيزياء الشمسية.

الصورة، الملتقطة بواسطة مرصد “دانيال ك. إينوي” الشمسي في هاواي، أبرزت بوضوح تكوينات دقيقة تُعرف بـ”الحبيبات الشمسية”، وهي تعبير بصري عن الحراك الحراري للبلازما داخل طبقات الشمس.

فهذا الحراك يُشبه إلى حد كبير، ما يحدث عند غليان الماء، حيث تتصاعد الأجزاء الساخنة وتتناوب مع نزول الأجزاء الباردة، في حركة مستمرة، تُنتج هذه البنية المتقلبة على سطح الشمس.

إلا أن الحدث الأهم، كان رصد خطوط فائقة الدقة، متماوجة، ساطعة وأخرى داكنة، تمرّ عبر جدران الحبيبات الشمسية.

هذه الخطوط، التي تُشبه ستائر تتحرك في مهب الريح، تُمثل للمرة الأولى مظهراً بصرياً مباشراً لتوزيعات الحقول المغناطيسية الدقيقة التي تنشأ من صفائح مغناطيسية رقيقة مغمورة في البلازما الشمسية، يتغير سطوعها تبعًا لقوة المجال المغناطيسي؛ فكلما زادت قوته، زاد الضوء سطوعًا، والعكس صحيح.

إن ما يجعل هذا الرصد إستثنائيًا، هو قدرة المرصد على إلتقاط تفاصيل دقيقة لا تتجاوز 20 كيلومتراً، باستخدام تقنيات بصرية متقدمة، كالتكيّف البصري لمعادلة تأثير الغلاف الجوي، ونظام تصوير ثلاثي متزامن، يعتمد أطوالًا موجية متعددة، ما يمنح رؤية ثلاثية الأبعاد للهياكل الشمسية.

كما تم توظيف جهاز بصري دقيق ألماني الصنع، يُعرف بـ”مرشح الطول الموجي القابل للتعديل”، يُعد جوهر النظام البصري في المرصد، ويسمح بقياسٍ بالغ الدقة لخصائص البلازما.

فمرصد “إينوي”، الذي بدأ تشغيله العلمي في فبراير 2022، يُعتبر اليوم المرجع الأول لرصد الشمس من الأرض، بفضل مراياه التي يبلغ قطرها 4.24 أمتار، وإرتفاعه البالغ أكثر من 3000 متر عن سطح البحر، ما يمنحه موقعًا مثاليًا لمراقبة أدق الظواهر الشمسية.

هذه النتائج، التي تفتح أفقًا جديدًا لفهم ديناميكيات الشمس وتعقيد بنيتها المغناطيسية، تُمثل خطوة متقدمة نحو التنبؤ بالأحداث الفضائية المؤثرة في بيئة الأرض، فضلا عن كونها تعزز مساعي البشرية، لفهمٍ أكثر دقة لآليات عمل نجمها المركزي.

 

 

التعليقات مغلقة.