المسيطر على “الكيروزين”

الانتفاضة // أيوب الرضواني

22 دجنبر 2015، إدريس بنهيمة مدير عام الخطوط الملكية المغربية يُصرح لموقع إلكتروني أن مجموعة “أفريقيا”، المملوكة لرجل الأعمال ووزير الفلاحة عزيز أخنوش، تسيطر على سوق استيراد وتخزين الكيروسين (وقود الطائرات)، الأمر الذي رفع سعر المادة بنسبة 30 في المائة مقارنة بمستوى سعرها في النصف الثاني من شهر نونبر 2015، قبل أشهر من سريان التحرير الكلي لأسعار المحروقات في المغرب.

فبراير 2016، إعفاء بنهيمة من رئاسة “لارام” وتعيين “حميد عدو” مديرا جديدا للشركة.

(حميد) سيوقع مع عزيز الذي سيغدو رئيسا للحكومة – والمُسيطر عبر كيروسينه على 30% من كلفة سعر تذكرة لارام- في يوليو 2023 على اتفاقية بـ 25 مليار دولار (25 ألف مليار سنتيم) لمضاعفة أسطول الناقل الجوي الوطني 4 مرات، ومضاعفة رقم معاملات (أفريقيا) مع (لارام) أربع مرات كذلك، في ما يُعرف بتصالح المصالح، وحشمت نقول كلمة أخرى!

2019، إدريس جطو رئيس المجلس الأعلى للحسابات يفضح نواقص مخطط المغرب الأخضر في الفلاحة ومخطط أليوتيس في الصيد البحري في تقريره برسم 2018، مُحدثا ما سُمي “زلزالا” في محيط حملة أخنوش للاكتساح “الدُّخلة” الانتخابية.

مارس 2021، وقبل موعد الدُّخلة بـ 6 أشهر، (جطو) يتم إعفاءه دون شكر في سابقة من نوعها، وتُعيَّن (زينب العدوي) المتخصصة في مالية الجماعات الترابية، والبكاء عند استحضار قصة “سـ.ارقة الورد”.

بداية 2021، مجلس المنافسة برئاسة إدريس الكراوي يحكم على 7 بقرات محروقات سِمان، أكلوا 1700 مليار من جيوب المغاربة العِجاف بين 2015 و2018، بأداء غرامة 9 مليارات درهم بشكل تضامني، حسب وزن رقم معاملات كل بقرة. شركة (أفريقيا – عزيز) في طريقها لدفع ربع المبلغ (أكثر من 200 مليار سنتيم) بحكم غلبتها في سوق المحروقات الوطنية، ولكن هيهات!!!

مارس 2021، رئيس مجلس المنافسة يُكَرْكَبُ دقَّةً واحدة مع جطو رئيس مجلس الحسابات، ويُعَوض بـ (أحمد رحو) الذي أعاد التحقيق في ملف المحروقات لنقطة الصفر.

عامين بعدها، مجلس المنافسة يُقر “صُلحا” من جانب واحد مع السَّبعِ السِّمان؛ غرامة تصالحية بـ 1.8 مليار درهم (أقل من ربع ما حكم به قبل سنتين!).

مجلس المنافسة قرر التعويض عن هاته الخيبة، وخرج بداية 2025 بدراسة ثورية تقترح على المواطنين تناول لحم الأرانب لتعويض اللحم الأحمر الذي سـ.رقه الشناقة -في إطار المغرب الأخضر- من موائد المغاربة!

2022، أحمد الحليمي يفضـ.ح حكومة أصحاب الشِّكارة، ويقول أن التضخم في المغرب هيكلي سببه هشاشة الإنتاج وغلبة الشناقة والسماسرة وأولوية التصدير، مؤكدا أن أزمات كورونا وأوكرانيا لم تخلق المشكل، بل فقط فضحته.

الحليمي استمر في كشف كـ.ذب وعود التشغيل المليونية، بنشر نسب بطالة سنوية لم يشهدها المغرب حتى في عز سنوات الرصـ.اص والأزمات القلبية.

أكتوبر 2024، الحليمي يذهب لبيته ويُعوض ببنموسى الذي طُرد بدوره من التعليم لأنه أصر على احترام الميزانيات المرصودة، والذي عُوِّض بوزير مصَّاصة مُكلف بتجريف الكفاءات داخل الوزارة واستبدالهم على أساس الولاء لعزيز وحزبه، مع العمل على مزيد من التوغل للقطاع الخاص داخل مؤسسات التعليم العمومي من خلال منح الصفقات لمكاتب دراسات خاصة، وتسويق نموذج تعليم “مدرسة جديدة” (مكان الرائدة!!) تتسابق من خلاله المؤسسات على توزيع النقط كمؤشر واحد ووحيد للجودة، بأقل كُلفة!

أكتوبر 2024، رئيس المجلس الاقتصادي (أحمد رضى الشامي) يُطلق لسانه أكثر من اللازم ويُلمح في تدخل له بـ “اليوم الوطني للصناعة” بمدينة بنجرير أن الأمور ليست على ما يُرام، وأن الماسكين بزمام الأمور فقط “يُخرمِزون”.

طارت الرسالة سريعا وطار معها السيد رضى سفيرا لاتحاد أوروبي نتفاهم معه برسائل وتساب. أما من عوضه، فهو أنتيم عزيز أخنوش “عبد القادر عمارة” وزير طاقة كان عزيز يُخلص عليه سومة كراء شقة طيلة سنة في الرباط بيده اليمنى، ويضع فوق مكتبه أوراق مجموعته أفريقيا بيده اليسرى!

آخر المغضوب عليهم (محمد البشير الراشدي) رئيس الهيئة الوطنية لمحاربة الرشوة والوقاية منها، من سوَّلت له نفسه نشر تقرير يُقَرِّعُ الحكومة ويلوم تقاعسها في محاربة الفسـ.اد، ما أفقدنا 25 رتبة في مؤشر مدركاته خلال خمس سنوات.

بداية نقصوا من ميزانية مؤسسته 6 مليارات، قبل أن يقابلوه في “الدورة” ويستبدلونه بـ الرئيس السابق لمؤسسة الوسيط، الذي استُبدل بـ “حسن طارق” الشاهد الذي شاهد كل شيء، ورفض أن يقول أي شيء في قضية الصحفي توفيق بوعشرين.

هكذا يُعاد التَّدوير، يُجرَّبُ المُجرَّب مع الادعاء بالسعي لنتائج مُغايرة!

سياسيا، عزيز ضعيف بل يكاد يكون غير موجود. لكن “الأخنوشية” كطريقة للحُكم والتسيير لها الغلبة والكلمة الأقوى في الساحة. أما سبب التسمية فلاعتمادها قوة الكرمومة، وتصديرها لعزيز كوجهة واحدة ووحيدة للانتقاد واللوم من الرأي العام.

● أخنوشية ترفض الرقابة والمساءلة باعتبارهما قلة أدب! وتفرض في المقابل الطاعة والإذعان.

● أخنوشية تمقُت السياسة كطريقة لتدبير الشأن العام، مُعوضة إياها بالإدارة ونظام الموظفين، بمنطق التعيينات والتأديبات والتَّكمُّشات وطلب التسليم، حتى يمر سَربيسك بخير وعلى خير.

● أخنوشية تعتبر الديمقراطية والشورى وتداول الأمر ترفا وكلاما فارغا، مُنزلة مكانها منهج “كُن فيكون” والأمر المباشر، فكُبراء القوم يعرفون جيدا مصلحة سنافرها!

● أخنوشية لا تسعى لنهضة حقيقية تضمن ولوجا عادلا للثروات ومعه تداولا حقيقيا وسلسلا للسلطة، بل تعمل لتنزيل تنمية تقنية قد تُزحزح الطبقات وتُململها من مكانها، لكن الفوارق بينها تبقى كما هي، بل وماضية في التمدد

التعليقات مغلقة.