الانتفاضة
في أجواء روحانية مفعمة بالخشوع، وتحت قبة مسجد القصبة العتيق بمدينة الصويرة، تنعقد النسخة الخامسة من مسابقة تجويد القرآن الكريم، بتنظيم من جمعية القصبة للعناية بالمساجد العتيقة المصنفة ضمن التراث الإنساني العالمي، وبرئاسة السيد جمال أجروض، وبالتنسيق مع جهات علمية ودينية رسمية. تقام هذه الفعالية يومي السبت والأحد 21 و22 رمضان 1446 هـ / 2025 م، حيث يلتقي حفظة كتاب الله في منافسة شريفة، تصدح خلالها الأصوات الندية بآيات الذكر الحكيم، في مشهد يعيد للأذهان عظمة الوحي الإلهي الذي أنزله الله هدايةً ورحمةً للعالمين. لكنها ليست مجرد مسابقة، بل محطة إيمانية يجدّد فيها المشاركون علاقتهم بالقرآن، حيث لا مجال إلا للإتقان، ولا مكان إلا لمن صقلت روحه بين آيات الذكر الحكيم، فارتقى بحسن الأداء وجمال التلاوة. هنا، تتماهى النبرات مع ألحان السماء، ويعلو صوت الحق في أجواء يعمّها السكينة والوقار.
في رحاب مسجد القصبة العتيق، حيث تتنزل السكينة وتخشع القلوب، يرتفع صوت القرآن في تلاوات عذبة تحاكي مزامير آل داوود، وكأن الملائكة تصغي بخشوع. إنه مجلس من مجالس الخير، ينعقد ليحمل لواء القرآن في زمن كثرت فيه الأصوات وتلاشت فيه المعاني. إنها دعوة لأهل القرآن ومحفل لمن أراد أن يجمل صوته بأحسن الحديث، حيث تنطلق المنافسات ابتداءً من الساعة العاشرة صباحًا، في اختبار لا يقيس جمال الصوت فقط، بل عمق الإحساس وصدق التفاعل مع كلام الله. فمن أراد بلوغ مقامات الإحسان، فليجعل من هذه المسابقة بوابةً إلى مراتب أهل الله وخاصته.
قال النبي ﷺ: “خيركم من تعلم القرآن وعلمه.”
فهنيئًا لمن جعل هذا الشهر الكريم فرصةً لتجويد تلاوته، وتطهير قلبه، والتنافس في الخيرات. وها هو مسجد القصبة العتيق يفتح أبوابه للمتبارين، ليكونوا من حملة القرآن حقًا، يرتلون كما أُمروا، ويعيشون مع آياته نورًا في الدنيا وشفيعًا في الآخرة.
التعليقات مغلقة.