الانتفاضة // المصطفى بعدو
لطالما ارتبط مفهوم المثقف بالتعلم والمعرفة، ولكن هل هذا يكفي لجعله مثقفًا حقيقيًا؟ هل مجرد امتلاك كم هائل من المعلومات يجعل الفرد مؤثرًا في مجتمعه؟
المثقف الحقيقي هو الذي يقلص أكبر قدر من السلبيات ويوسع من دائرة الإيجابيات، قد يكون فلاحا او ميكانيكي او بائع حلويات او مهما كانت مهنته او حرفته، وهو كل من يساهم في انتشال المجتمع من افة الأمية والجهل والتخلف والفقر والظلم والفساد…
هو صوت المستضعفين والمهمشين، الذي يمكنه تسليط الضوء على صورتهم و حالتهم ويقوم بالدفاع عنهم وعن حقوقهم
وهو ليس بذاك الاعتقاد السائد بأن المثقف، الذي يتحدث بلغة فصحى أو يمتلك مهارات السرد ورص الكلمات أو الحافظ لقصائد شعرية عديدة أو القارئ فى أدب شكسبير أو الخبير فى الموضة فحسب، لأنه أحيانا قد يكون هذا الشخص لديه كم معرفى ومعلوماتى لكنه ليس إيجابيا فى مجتمعه ولا حتى أسرته.
وهو ليس مجرد قارئ للكتب، بل هو فاعل في مجتمعه، يسعى إلى بناء عالم أفضل، وينشر الوعي والمعرفة، ويقرب بين الناس، بغض النظر عن خلفيته الاجتماعية أو الاقتصادية، ويترك بصمة إيجابية في حياة الآخرين، وهو ليس بالضرورة مقتصرًا على النخب المثقفة، بل يمكن أن يكون موجودًا في أي مكان وفي أي طبقة اجتماعية، و هو عامل تغيير عملي على أرض الواقع.
ولقد آن الأوان لتجاوز النظرة التقليدية للمثقف كشخص يعيش في برج عاجي، فبرهان حقيقته هو من يتفاعل مع مجتمعه، ويشارك في حل مشكلاته، إنه من يجمع بين المعرفة النظرية والعمل العملي، ويعمل جنبًا إلى جنب مع الآخرين لتحقيق التغيير الإيجابي، فالثقافة والمعرفة هما سلاحان قويان في مواجهة الجهل والتخلف.
في النهاية، المثقف الحقيقي هو أكثر من مجرد لقب أو شهادة، إنه شخص يمتلك شغفًا بالمعرفة، وقدرة على التفكير النقدي، ولكن هل نستطيع القول بأننا نتمتع بوجود عدد كافٍ من المثقفين الحقيقيين في مجتمعاتنا؟ وهل نقدم لهم الدعم والتشجيع الكافيين؟ أسئلة تبقى مفتوحة، وتدعونا إلى المزيد من التفكير والتأمل.
وكل ذلك، دور المثقف لا يقتصر فقط على المثقف، بل هو واجب يقع على عاتق كل فرد منا، وعليه، فجميعًا علينا أن نسعى إلى تطوير أنفسنا، وأن نكون قدوات حسنة لأبنائنا وأحفادنا، علينا أن ننشر المعرفة، ونحارب الجهل والتطرف، ونبني مجتمعًا قائمًا على العلم والعدل والمساواة.
التعليقات مغلقة.