الانتفاضة/ محمد المتوكل
في زيارة تاريخية لأقاليمنا الجنوبية وتحديدا إلى مدينة العيون، بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء المظفرة والتي أبدعها الراحل الحسن الثاني رحمه الله تعالى، وسار على منواله الملك محمد السادس والتي صادفت الذكرى 50 لانطلاق ملحمة الوطن، والتي تزامنت مع مصادقة هيئة الأمم المتحدة على القرار رقم 2797 المتعلق بجعل مسودة الحكم الذاتي هي الورقة المذهبية للتفاوض السياسي حول مغربية الصحراء.

زيارة لم تكن كباقي الزيارات للأقاليم الأخرى، شهدت طفرة تنموية كبيرة وأهالي يلبسون الشالات والدراعيات والملاحف ويستقبلونك بالشاي ولبن الناقة والتمر والحليب ولغة حسانية جميلة من قبيل: “واني بيك وخيرت بيك ومرحبا وسهلا وأش طاري وغيرها من عبارات الترحيب وكرم الضيافة وحسن الاستقبال.
رغم طول المسافة لكن تحس وكأنك بين أهلك وذويك لمواطنين مغاربة شعارهم دائما كان ولا زال وسيبقى هو: الله الوطن الملك.
استقبلونا بفرح وسرور وقلب صافي لا يحمل غلا ولا حقدا ولا حسدا وشاركوا معنا الملح والطعام وعبروا لنا عن الحب العميق والشوق الغالي.

في العيون تحس وكأنك في بلد آخر غير المغرب، شوارع نقية وبنايات مزركشة وبيئة نقية وطرق معبدة ونقل متميز، وبنية تحتية متطورة وفطرة تمشي على الأرض ومواطنون لا يمكن أن تسمع منهم ما يعكر مزاجك.
مواطنون توشحوا الأحمر والأخضر وحملوا صور جلالة الملك والأعلام الوطنية ويهتفون ملأ فيهم “العيون عينيا والصحراء مغربية”.
أما الأطفال فأكاد أجزم أن الفرحة تكاد تخرج من عيونهم البريئة.
العيون تلك المدينة الجميلة والتي نالت حظها من التنمية والإصلاح والتغيير وتعتبر عاصمة الجنوب، “خدمها ولد الرشيد” وأعطاها إشعاعا كبيرا وتعرف بعاصمة الجنوب لاستقبالها لأكبر عدد من القنصليات والسفارات الدولية للدول التي تعترف بمغربية الصحراء وتتنكر لجمهورية الوهم أو دويلة “الغبرة والعجاج”.

العيون هي الحاضرة التي لا يمكن أن تجد فيها شارا وسخا أو بركاسات مملوءة عن اخرها بالأزبال، أو متسولون أو سعاية أو تشرد أو تحرش أو كلام ساقط أو عري أو فساد أو إسفاف أو نساء عاريات أو زنا أو بغاء وحتى إن كان فليس بالمباشر كما هو في مدن أخرى.

استقبلت العيون كل زوارها الذين استمتعوا بالزي الصحراوي والمنتجات الصحراوية والكلام الصحراوي الحساني والعادات الصحراوية والتقاليد الصحراوية والقيم الصحراوية، والتي تمتح من عبق التاريخ والجغرافيا وحتى التربية الوطنية.
استقبلت العيون زوارها بالأحضان وأعطتهم الحب والتقدير والاحترام وبادلتهم الوطن والوطنية وأهدتهم كبرياءها و عنفوانها وشموخها وبنيتها التحتية الجميلة وبناياتها العالية وحدائقها الرائعة وساحاتها الواسعة وناسها الطيبين وأهلها المباركين
بقي أن نشير، أن مدينة العيون أثبتت أن الإرادة السياسية والرؤية الواضحة قادرتان على تحويل مجال صحراوي بسيط إلى قطب اقتصادي وحضري متكامل يضاهي كبريات المدن.
ولو حذت مراكش وغيرها من المدن المغربية رغم رصيدها التاريخي والثقافي حذو العيون في هذا النهج الطموح، لكانت الصورة مختلفة تماما، غير أن غياب النخب المحلية القادرة على استلهام روح المبادرة والابتكار جعل هذه المدن تراوح مكانها.