الإنتفاضة
شهدت جماعة أولاد دليم نواحي مراكش في دورة أكتوبر 2025 معركة سياسية تستحق أن تُقال عنها أنها تُظهر هشاشة الحياة الجماعية و التسيير المحلي، أكثر منها إجتماعًا للتداول حول المشروع الجماعي و التنمية. جلسة دامت دقائق من الصمت و التوتر قبل أن تنفجر بالإتهامات المتبادلة، و مقاطعة، و مصاعب في التصويت تارة، و رفض الإنصياع لقرارات رسمية تارة أخرى.
المعارضة وجهت سهام النقد إلى رئيس الجماعة بتهم الإنفراد بالقرارات و سوء التسيير، مشيرة إلى أن العزل الذي صدر في حق أربعة منها لم يُحسم نهائياً قضائياً، ما يمنحهم من وجهة نظرهم الحق في حضور الدورة و المشاركة فيها رغم عدم توجيه دعوات رسمية إليهم. من جانبها الأغلبية تتهم هؤلاء الأعضاء بأنها تُريد إرباك أشغال المجلس و تشويه صورة الإدارة المحلية تحت ذريعة القانون و المرافعة القضائية. ما يزيد الوضع تعقيدًا أن الإختلال في التوازن بين الأغلبية و المعارضة أصبح مؤثرًا جدًا في منطق التصويت؛ فغياب عضو من الأغلبية بسبب الإقامة بالخارج مثّل فرقًا كبيرًا، خصوصًا عند مناقشة ميزانية الجماعة للسنة المقبلة، حيث أن أي صوت يُحسب له حساب.
لكن خلف هذه التراكمات السياسية تقبع معاناة يومية يعيشها سكان أولاد دليم : طرق مزقتها الزمن، مستوصفات بالكاد تُلبّي الحاجات الأساسية، و بُنى تحتية هشة، و الماء الصالح للشرب أصبح نُقطة إستغاثة، لا نكتفي بأن نسمعها في الإجتماعات أو البيانات. هاته الدورة تُذكّر بأن الصراع على المقاعد و القرارات لا يجب أن يحجب الشخصية الحقيقية للحكم المحلي، و هو ضمان الحقوق الأساسية و توصيل الخدمات، و ليس فقط الإنتصار السياسي.
إذا بقيت مثل هذه الجلسات سجالًا لفظيًا بين الأغلبية و المعارضة دون مخارج قانونية واضحة، و دون وضوح في دعوة أعضاء الجماعة أو إحترام حقوقهم القانونية، و دون مساءلة حول الأداء، فإن التنمية في أولاد دليم ستظل حلمًا يُتداول، لا واقعًا يُعاش. الأمر لا يحتمل الإنتظار، فالسكان لا يصبرون على الوعود بعد أن تكدّست المشاكل، و يستحقون أن تكون دورة المجلس لحظة تغيير و محاسبة، لا ساحة لإستعراض القوى.