الانتفاضة // حسن الخباز
في خرق واضح للدستور ، و خروج متعمد عن القوانين ، و ضرب غير مسبوق للمنهجية الديمقراطية ، صادق المجلس الحكومي أمس الخميس على مشروع قانون إعادة هيكلة المجلس الوطني للصحافة .
وقد أثارت هذه المصادقة عدة ردود افعال لأهل الاختصاص على وجه التحديد ورواد المنصات الاجتماعية عموما .
حيث انتقدوا بشدة ما اعتبروه فضيحة بكل ما تحمل الكلمة من معنى .
فضيحة قانونية ، ودستورية ، ومجزرة لمهنة الصحافة ، ومهزلة سياسية ، ونكبة للسلطة الرابعة وفق ما وصف القيدوم توفيق بوعشرين لهذه المصادقة الغريبة العجيبة الصادمة .
وأضاف مدير النشر السابق ليومية أخبار اليوم أن مشروع القانون المعلوم ذهب بأشلائه الممزقة إلى البرلمان حيث وجد في استقباله اغلبية مطبعة أليفة ، تصوت مغمضة العينين ، صماء الأدنين ، خرساء اللسان …
لقد اثبتت حكومة أخنوش وهي في شهورها الأخيرة قبل المغادرة بلا رجعة، أنها تسارع الزمن للإفراج عن كل مشروع قانوني مثير للجدل ، لا يمكن لأي برلمان أن يقبله ، وتقننه عبر أغلبيتها التي توافق مباشرة وبدون أي نقاش يذكر .
ويهدف مشروعها الأخير لمنح صلاحيات قمع وقتل الصحافة المهنية الحقيقية للمجلس الجديد الذي انيطت به مسؤولية تسيير شؤون الصحافة والصحافيين المغاربة .
لقد تم المجلس الوطني للصحافة صلاحيات غير مسبوقة ، حيث أن له الحق في التوقيف المؤقت للصحف الورقية والإلكترونية فضلا عن المجلات وباقي وسائل الإعلام الأخرى ، علما أن هذا الاختصاص لا يحق إلا للسلطة القضائية ، وحتى الحكومة نفسها لا يحق لها ان توقف جريدة مؤقتا أو بشكل دائم …
المشروع المذكور ستستفيد منه هياة إعلامية واحدة ، ويتعلق الأمر بالجمعية الوطنية للإعلام والناشرين لكونها جمعية أليفة ، ولدت وفي فمها ملعقة من ذهب ، حيث أنها تحظى باهتمام ورعاية السلطة ، وهي مكلفة بمهمة تكفين ما تبقى من صحافة ودفنها في مقبرة جماعية بدون جنازة كما كتب الصحافي توفيق بوعشرين في مقاله الأخير .
وفي المقابل أهملت الفيدرالية المغربية لناشري الصحف مع أنها صاحبة التمثيلية الاكبر للصحف والصحافيين بالمغرب ، هذه الهيأة لم تنل حقها في التمثيلية داخل المجلس الجديد وفق خبراء الإعلام لغرض في نفس يعقوب …
في ضرب صارخ للمنهجية الديمقراطية ، سيفرق المشروع المذكور بين مكونين أساسيين داخل المنظومة الإعلامية ، حيث يفرض الانتخاب على إحداهما ويكتفي بالتعيين بالنسبة للثانية ، وهذا يضرب مبدأ تكافؤ الفرص ، وهو قتل ممنهج للديمقراطية والشفافية…
مشروع القانون الجديد الذي صودق عليه بالبرلمان يعطي الأسبقية للمقاولات الغنية ويقتل الصغيرة في تجسيد واضح لسياسة إغناء الغني وإفقار الفقير أو بالمعنى الدارج “كايزيدو الشحمة فظهر المعلوف” .
والأخطر من هذا حسب الصحافي نور الدين مفتاح مدير نشر “الايام” والأيام 24 ” أن انتداب ممثلي الناشرين وضعت له معايير أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها من الخيال العلمي بحيث يصبح من له حجم إشهارات أكبر في السنة هو المؤهل أوتوماتيكيا للمجلس، فكل من كان رقم معاملاته يصل إلى أكثر من 900 مليون سنتيم وعدد معين من العاملين يصبح وكأن له عشرين مقاولة ومن له إلى حدود 299 مليون سنتيم كرقم معاملات يحتسب كأن له مقاولة واحدة إذا لم يتجاوز 12 من العاملين.”
خلاصة القول أن المشروع الأخير أثار جدلا مباشرة بعد المصادقة عليه ، ومن المنتظر أن يخلق نقاشا واسعا ومزيدا من الجدل وقد يؤدي إلى ما يحمد عقباه في المستقبل القريب وهذا أخشى ما نخشاه .