مشروع “بساتين الواحة” بمراكش.. من مشروع سكني واعد إلى ملف قضائي بتهم النصب والاحتيال

الانتفاضة 

تحوّل مشروع “بساتين الواحة” السكني، الذي كان من المفترض أن يكون من أكبر المشاريع العمرانية الواعدة بمدينة مراكش، إلى قضية قضائية معقّدة تتداخل فيها الاتهامات بالنصب والاحتيال، بعدما تضرر مئات المواطنين الذين استثمروا أموالهم في الحلم السكني المنتظر.

وكان مشروع “بساتين الواحة” قد أُطلق خدمته سنة 2018 في حي سيدي يوسف بن علي بمراكش من طرف مجموعة “BZIOUI IMMO” التي يترأسها رجل الأعمال أنس البزيوي.

وحسب الوعود التي أطلقتها الشركة، كان المشروع سيضم 2,775 وحدة سكنية تتوزع بين السكن الاقتصادي والمتوسط بأسعار مغرية تبدأ من 250,000 درهم، وتقسيط ميسر لجذب فئات واسعة من المواطنين الباحثين عن السكن في المدينة الحمراء.

ورغم البداية القوية للحملة الإعلانية للمشروع، بدأت مؤشرات الأزمة بالظهور مع تأخر واضح في أشغال البناء. العديد من المواطنين دفعوا ما بين 50% إلى 100% من قيمة شققهم دون أن يتلقوا ضمانات حقيقية بالتسليم، رغم أن العقود أكدت تسليم الشقق نهاية 2023.

وبدأت الشكوك تطال المشترون حين اكتشفوا أن العقود موقعة مع شركة “BZIOUI IMMO”، بينما الأرض مسجلة باسم شركات أخرى مثل “F.B” و”V.I”، وهو ما أثار شكوكا حول قانونية المعاملات ونيات الشركة.

ومع بداية سنة 2023، بدأ المتضررون بإرسال إنذارات قضائية إلى الشركة والمطالبة باسترجاع أموالهم، خاصة بعد فرض زيادات مالية مفاجئة (ما بين 10 و20 مليون سنتيم على الوحدة السكنية)، بالإضافة إلى تقليص المساحات الحقيقية مقارنة بما هو مذكور في العقود. كما نظم المشترون عدة وقفات احتجاجية أمام مقر الشركة للمطالبة بحقوقهم.

وفي مارس 2023، تقدم المتضررون بشكاوى رسمية إلى النيابة العامة بمراكش، اتهموا فيها الشركة بالنصب والاحتيال وغسيل الأموال، مستندين إلى الخلاف بين الواقع والعقود.

وفي نهاية أكتوبر 2024، ألقت السلطات الأمنية القبض على أنس البزيوي وعدد من المتورطين بعد تلقيها أكثر من 50 شكاية رسمية، تضمنت اتهامات خطيرة بالتلاعب بالملكيات، بيع شقق غير مرخصة، فرض زيادات غير قانونية، وسوء استعمال الثقة.

وفي نونبر 2024، عقدت المحكمة الابتدائية بمراكش أولى جلسات التحقيق بحضور المتهمين في حالة اعتقال، حيث قررت تأجيل الاستنطاق التفصيلي إلى شهر دجنبر من نفس السنة.

وعرفت هذه القضية جدلا واسعا لحدود اللحظة، حيث وقف أكثر من عشرة متضررين امام المحكمة اليوم الخميس 12 يونيو 2025.

وفي تصريح لجريدة الانتفاضة، عبر أحد المتضررين عن استيائه العميق من بطء الإجراءات القضائية، مطالبا المحكمة المختصة بالتعجيل في دراسة هذا الملف الذي طال انتظاره، واتخاذ القرار المناسب لتمكين المستفيدين من حقهم المشروع في السكن، بعد سنوات من الانتظار والمعاناة. وأوضح أن عددا كبيرا من العائلات التي كانت تأمل في استلام مساكنها منذ مدة طويلة، لا تزال تعاني من حالة الغموض والقلق بسبب عدم حسم هذه القضية، مما أثر سلبا على استقرارهم الاجتماعي والنفسي.

وفي السياق ذاته، عبّر متضرر آخر عن استغرابه من قرار المحكمة الأخير القاضي بتأجيل جلسة الحسم في هذا الملف لمدة 3 أسابيع إضافية، معتبرا أن هذا التأجيل الجديد يزيد من معاناة الضحايا، الذين أصبحوا رهينة لهذه المماطلات المتكررة. وأضاف: “لقد توجهنا في أكثر من مناسبة إلى صاحب مشروع ‘بساتين الواحة’ في محاولة للوصول إلى تسوية ودية تحفظ حقوقنا، لكننا تفاجأنا بإصراره هو وشركاؤه على الاستمرار في سياسة النصب والاحتيال، من خلال مطالبتنا بدفع مبالغ مالية إضافية تتراوح بين 10 و20 مليون سنتيم، رغم أننا التزمنا بكامل واجباتنا المالية منذ البداية”.

وأشار قائلا: “لقد استمرت هذه المعاناة لسنوات طويلة دون تدخل حقيقي من الجهات المسؤولة لوضع حد لهذا الابتزاز العلني الذي يمارسه صاحب المشروع، مما جعلنا نفقد الثقة في إمكانية إنصافنا قريبا، في ظل غياب الحزم في التعاطي مع هذا الملف الذي يمس حياة واستقرار مئات الأسر”.

التعليقات مغلقة.