الانتفاضة // حسن المولوع
يوم الإثنين 19 ماي 2025، المقبل ليس يوما عاديا.
إنه موعد الحسم في قضية الأستاذ حميد المهدوي، الصحافي الذي آمن بالكلمة الحرة، فوجد نفسه في مواجهة الحكومة، بسياط القانون الجنائي.
الشكاية التي وضعها وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، على طاولة المحكمة، تحوّلت إلى حكم ابتدائي بالسجن النافذ لمدة سنة ونصف، وغرامة ثقيلة قدرها 150 مليون سنتيم.
الآن، الملف في محطته الاستئنافية، والقلوب معلقة، لا على تفاصيل الملف فحسب، بل على مصير مهنة بأكملها.
فلا أحد يملك بلورة سحرية ليقرأ ما سيقع، لكن الاحتمالات تتأرجح بين ثلاث:
أولها، أن يختار الوزير التنازل، خاصة ونحن نقترب من الذكرى السنوية لعيد العرش، وهي المناسبة ذاتها التي أصدر فيها الملك عفوه عن عدد من الصحافيين.
عفو كانت له رمزية، وإن كانت لحظية، إلا أنها حملت بعضا من العدل وكثيرا من الأمل.
ثاني الاحتمالات، البراءة. وهي ليست حلما مستحيلا، بل مطلبا مشروعا تُسنده حجج قوية، وأدلة دامغة قدّمها الزميل المهدوي في جلسات كانت فيها الحقيقة تُصارع العتمة.
أما الاحتمال الثالث، فهو تخفيف الحكم، وتحويله إلى سجن موقوف التنفيذ، في محاولة لإخماد العاصفة، دون التراجع الكامل عن منطق العقاب.
لكن، ماذا لو تم تأييد الحكم؟
أو، لا قدّر الله، تم رفعه؟ حينها ستكون الرسالة واضحة كالشمس أن من يمسك القلم في هذه البلاد، فقد أمسك جمرة.
وسيكون ذلك بمثابة إعلان صريح بأن من اختار الصحافة، اختار المصير نفسه الذي يُرسم للمهدوي اليوم.
نحن لا نعيش مجرد محاكمة صحافي، بل نعيش انحدارا حادا في منسوب حرية التعبير والصحافة، وتغوّلا خطيرا في قبضة الحكومة على الإعلام، وهي تسن قوانين على مقاس المزاج السلطوي، لا على مقاس الحق العام.
إذا تم تأييد الحكم، فعلى الجسم الصحافي أن يلتقط الإشارة جيدا، ويعيد ترتيب أولوياته.
فلربما حان وقت الهجرة إلى مهن أخرى أقل مخاطرة.
فلِمَ لا؟ تجارة الممنوعات، لأنها أقل كلفة وأقل تهديدا من مهنة باتت في بلدان العالم الثالث أخطر من حمل السلاح.
من يظن أن محاكمة حميد المهدوي تخصه وحده، فهو واهم.
فهذه المحاكمة ليست سوى مرآة تعكس واقعا قاتما: إنها محاكمة لجسم مهني بأكمله.
سواء اتفق الصحافيون مع المهدوي أو اختلفوا، فالحقيقة واحدة: الرجل يعاكس التيار، يقف في مواجهة مزاج الحكومة، ولذلك هو اليوم في فوهة البركان.
ومن تجرّأ منا على السباحة ضد التيار، فله المصير نفسه.
أملنا كبير في القضاء، لأن أي حكم سيكون بمثابة إشارة. ونتمنى أن يرسل إلينا القضاء إشارة إيجابية.
التعليقات مغلقة.