الانتفاضة/ ابتسام بلكتبي – صحافية متدربة
تواجه مدينة مراكش، إحدى أبرز الوجهات السياحية في المغرب والعالم، أزمة مرورية خانقة باتت تؤرق سكانها وزوارها على حد سواء، حيث أصبح التنقل تحدياً يومياً، خاصة في الأحياء الحيوية مثل جليز، وشارع علال الفاسي، وشارع محمد الخامس.
ومع النمو المتسارع الذي عرفته المدينة خلال العقود الأخيرة، سواء من حيث عدد السكان أو حجم الاستثمارات السياحية والعقارية، لم تُواكب البنية التحتية لهذا التوسع، ما جعل شوارع المدينة غير قادرة على استيعاب العدد المتزايد من المركبات.
وتشهد شوارع مراكش ذروة الازدحام خصوصاً في أيام العمل لدى الموضفين أو في العطل ونهايات الأسبوع، حيث يتوافد عدد كبير من السيارات على الطرقات، مما يؤدي إلى انسداد الطرقات الرئيسية واختناق حركة السير لساعات طويلة.
ومن أبرز المشاكل التي يواجهها السائقون في مراكش، سواء من السكان أو الزوار، نذكر منها النشاط المروري وصعوبة إيجاد أماكن لركن السيارات، خاصة في وسط المدينة والأسواق القديمة. ويتحول البحث عن موقف إلى مغامرة طويلة تتطلب الصبر، في ظل ندرة المرائب المنظمة واحتلال الأرصفة من طرف السيارات.
وتضطر العديد من السيارات إلى الوقوف في أماكن غير مخصصة، ما يزيد من الفوضى المرورية ويُعرض أصحابها لغرامات أو الحجز.
وفي إطار الجهود المبذولة للتخفيف من حدة الاكتظاظ المروري وتحسين تنظيم حركة السير والجولان، كشف محمد الإدريسي النائب الأول لعمدة مراكش فاطمة الزهراء المنصوري، عن مجموعة من المشاريع قيد الإعداد التي تستهدف تعزيز البنية التحتية لمواقف السيارات بمدينة مراكش، لاسيما في وسط المدينة الذي يعرف ضغطاً متزايداً.
ومن بين أبرز هذه المشاريع، الشروع في إنشاء مرائب تحت أرضية بكل من ساحة الحارثي وعرصة المعاش، ما من شأنه أن يساهم في تحرير الفضاءات السطحية وتوفير مواقف إضافية في مناطق تعرف كثافة سكانية وزواراً كثراً.
كما أعلن الإدريسي عن إحداث 11 موقفاً جديداً للسيارات بمحيط وسط المدينة، بهدف تخفيف الضغط على الشوارع الرئيسية وتحسين انسيابية حركة المرور، إلى جانب توجه جديد لتشجيع القطاع الخاص على إدماج مرائب للسيارات ضمن مشاريعهم العقارية، ما يشكل شراكة استراتيجية بين القطاعين العام والخاص في معالجة هذا التحدي الحضري.
وفي خطوة مستقبلية لرفع جودة الحياة الحضرية وتقليص الفوضى المرورية، أشار الإدريسي إلى إمكانية منع ركن السيارات بالشوارع الكبرى، وهو إجراء من شأنه أن يعيد تنظيم الفضاء العام ويقلل من الازدحام.
وفي السياق ذاته، سلط الإدريسي الضوء على الضغط المتزايد الناتج عن انتشار الدراجات النارية، حيث يتم ركن حوالي 6 آلاف دراجة يومياً بمحيط ساحة جامع الفنا، الأمر الذي يفرض تحديات إضافية في تدبير الفضاءات العمومية ويستدعي حلولاً مبتكرة لتنظيم هذا القطاع الحيوي.
ومن جهتها، وقعت وزارة التجهيز والماء ومجلس جهة مراكش آسفي، يوم الجمعة 29 ديسمبر 2023 بآسفي، على اتفاقية الشراكة الخاصة بتنفيذ المشاريع الطرقية لتأهيل البنية التحتية بالجهة خلال الفترة الممتدة من سنة 2023 إلى 2027، بكلفة إجمالية تبلغ 3 ملايير درهم، والتي تشمل تثنية وتأهيل 484.5 كيلومترًا من الطرق، بما في ذلك الطريق الوطنية رقم 8 بين مراكش وقلعة السراغنة، والطريق الوطنية رقم 7 بين مراكش وآسفي، بالإضافة إلى تقوية الطريق الساحلي الرابط بين آسفي والصويرة.
كل هذه الحلول، غالباً ما تبقى حبيسة رفوف البلديات أو تتعثر في مرحلة التنفيذ، رغم بعض المبادرات كإنشاء مواقف تحت أرضية جديدة، أو الترويج لاستخدام النقل الجماعي، إلا أن ذلك لم ينعكس بعد بشكل ملموس على الواقع.
بين صدى المدينة السياحية العالمية وأزمة السير
من المفارقات أن مدينة بحجم مراكش، التي تستضيف مؤتمرات دولية كبرى وتستقبل ملايين السياح سنوياً، ما تزال تعاني من مشاكل مرورية تشوّه صورتها كوجهة حضرية راقية. وهنا يبقى التساؤل: من المسؤول عن حل أزمة السير بمراكش؟.
التعليقات مغلقة.