آالانتفاضة // إلهام أوكادير // صحفية متدربة
في الوقت الذي أصبحت فيه الدول العالمية، تُصنّف وِفقا لمعدلات رفاهية أفراد مجتمعاتها، سواء على المستوى الإجتماعي، الصحي و كذا المالي، تعرفُ بلادنا في الآونة الأخيرة و بشكل مخيف، إرتفاعا ملحوظا في نسبة البطالة، ليس فقط على مستوى الشباب الغير مؤهل، بل حتى في صفوف حاملي الشهادات و ارباب الأسر، و ليس فقط على مستوى المدن الحضرية و هو ما اعتدناه، بل حتى في المناطق القروية والتي أصبحت تعاني الأمرين، خاصة في ظلّ توالي السنوات العجاف الأخيرة.
فكلّ ذلك، أدى إلى انعكاسات سلبية، أثرت على أحوال نسبة مهمة من الأسر المغربية، التي أضحت تجد صعوبة في توفير مختلف الإحتياجات الضرورية، لاستمرار الحياة اليومية و ضمان العيش الكريم.
فبناءاً على كلّ ذلك، نجد أنفسنا غير قادرين على الإلمام بمخلف العوامل و الأسباب المباشرة لازياد ارتفاع معدل البطالة في مجتمعنا، رغم ما تم طرحه من سياسات و إستراتيجيات إقتصادية_ تنموية، يُفترض أن تُسهم في الحدّ من هذه المعضلة المجتمعية، وترفع من الدخل الفردي للمواطنين، حتى يتمكنوا من ممارسة نشاطهم الإستهلاكي، بعيدا عن أي ضغوطات اقتصادية، من شأنها أن تمتدّ إلى ما هو أصعب .
وحتى نضع قرائنا في إطار واقعي ملموس، سنذكر و بإيجاز، ما جادت به المندوبية السامية للتخطيط، و بشكل رسمي، من نسب و أرقام، عكست هذا الإرتفاع المتزايد لمعدل البطالة.
فوفقاً لإحصاءات السنة المنصرمة 2024، بلغ معدل البطالة العامّ، نسبة %13,3 ، وهو ما يعدل مليونا و 638 ألف مواطن، موزعة كالتالي : ارتفاع بنسبة %16,9 في المدن، وهو ما يعادل زيادة 42 ألف مواطن عاطل، و ارتفاع بنسبة %6,3 على مستوى القرى، و هو ما يعادل زيادة 15 ألف عاطل خلال نفس السنة.
فمن خلال هذه الأرقام، يظهر لنا جليّاً، مدى تفاقم حجم البطالة ببلادنا، و ما يشكّله من تحدّي يومي للمواطن، خاصة في ظلّ استمرار الأسعار الملتهبة لمواد التغذية، الخضر، الفواكه، بل وحتى رسوم السكن و الإستشفاء، بالنسبة لهذه النسبة الكبيرة من الفئات المتضررة.
و حيث يعد العمل عنصرا أساسيا، بل حياتيّا، يسعى من خلاله كل فردٍ، الى تحقيق مستوى عيش يحفظ كرامته و كرامة أسرته، و يحصل من خلاله على مختلف الطلبات اليومية و الشخصية الضرورية لاستمرار عيشه، و يكفي أن نقيس ذلك على أنفسنا لنفهمه، إلا أنه رغم أهميته، مازال يشكّل هاجسا كبيراً، يؤرّق مختلف الشرائح المجتمعية، خاصة فئة الشباب، كونها في سعي مستمر لبناء حياة مستقبلية يطمحون لها منذ صغرهم، بكلّ شغف و ترقب، ناهيك عن ما ترتبّ عن ذلك من اختلالات أسريّة، أصبحنا نشهدها اليوم بشكل ملحوظ، كخروج النساء المسنّات للعمل في وظائف التنظيف، وبأعداد كبيرة، بسبب كثرة العاطلين في البيت، و صعوبة حصولهم على عمل قارٍّ، حتى على مستوى المدن الكبرى.
وممّا يؤسفنا أيضاً، أنّ ما نكتبه اليوم، ليس من وحي الخيال، بل إنّه واقع معاش، نصطدم به و بشكلٍ يومي، آملين أن تجد كلماتنا هذه آذاناً صاغيةً، تُسهم بشكل فعلي في حل أزمة البطالة.
و في الأخير، وبناءاً على ما سبق، نجد أنفسنا أمام مجموعة من التساؤلات المحورية و الهامة، التي تطرح نفسها اليوم، ولعلّ أهمّها، مدى نجاعة ما تقوم به المؤسسات الإجتماعية و الإقتصادية من اشغال و مشاريع تنموية من شأنها أن تحسّن الظروف المعيشية للأفراد؟، وإلى أي مدى تتمّ الإستفادة الفعلية لهاته الفئات المتضررة و المستهدفة، من المشاريع التنموية ؟ كيف تتم دراسة هذه المشاريع؟، و ما مدى عِلم الجهات المسؤولة بالظروف الواقعية، بمختلف تفاصيلها و التي يمكن و فقط من خلال الوقوف عليها، نهج سياسات و مشاريع ناجعة لحلّ هذه المشكلة ؟ من يراقب ؟ من يقيس النتائج الحقيقية؟ و أين تكمن مسؤولية المواطن المتضرر بحدّ ذاته، في استمرار عجلة الفقر و العوز التي يعاني منها جلّ حياته ؟.
التعليقات مغلقة.