مر الثلث الأول من شهر رمضان المبارك كلمح البصر، ولم يتبقى منه سوى ثلثان، هكذا هو رمضان يأتي عزيزا و يذهب عزيزا، و يترك في قلوب المسلمين المومنين شوقا و حزنا لفراقه، لان هذا الشهر الفضيل شهر المغفرة و التوية و الرجوع الى طريق الحق سبحانه و تعالى، و التقرب الى الخالق بالصلاة و الصوم و الزكاة و القيام، من أجل تغير النفس من اتباع الشهوات و الملذات، و عمارة المساجد و المواضبة على الصلاة، و تزكية النفس و تحصينيها من المعاصي و الذنوب.
شهر رمضان يعتبر فرصة من ذهب للمنغمسين في الشهوات ما لذ منها و ما طاب، و استحضار مراقبة الخالق، و الابتعاد عن المحرمات و مجاهدة النفس على فعل الخيرات و النوبة النصوحة، و المحافظة على الصلاة في وقتها، و التلفظ بالذكر الحكيم، و الانشغال بالقرآن الكريم اناء الليل و اطراف النهار، و طلب التوبة و الغفران من الله عز وجل.
نحن بني ادم، و كل بني ادام خطاؤون، و خير الخطائين التوابون، و التوبة تبدأ مع حلول شهر رمضان، تتصفد فيه الشياطين و تغلق فيه أبواب جهنم و تفتح فيه أبواب الجنان، فطوبى لمن اغتنم هذه الفرصة و نجح في العشر الاوائل من شهر رمضان، و رجع الى المولى عز وجل.
افيقوا أيها الناس ألا تخشو أن يكون هذا رمضان هو اخر رمضان في حياتنا؟؟؟ ألا تخشوا أن ينقضي رمضان و تنقضي معه أرواحنا؟؟؟، ألا تخشوا أن يذهب رمضان و لم نكتب عند الله من التوابين؟؟؟، ألا تخشوا أن ينصرف هذا الضيف العزيز ولم ندخل في زمرة الصائمين؟؟؟، ألا ألا ألا… و الكلام يطول و يطول.
نخشى من الله تعالى أن نكون من هؤلاء القوم الذين ابتعدوا عن طريقه سبحانه و تعالى، ولم تقبل فيه أعمالنا، انصرفت العشر الاوائل، لمن فرط في هذه العشر و أراد أن يجد و يجتهد أبشرك بأن هناك ثلثان، اغتنمها يا عبد الله، و دس بقدميك على النفس الأمارة بالسوء، و اعد العدة لأنك على موعد مع الله سبحانه و تعالى، و عود نفسك على الصلاة في المساجد و المواضبة على تلاوة القرآن الكريم، و فعل الخيرات، و الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر، و استعد بالله من الشيطان الرجيم.
إن الله سبحانه و تعالى يفرح عندما يلجأ إليه العبد الضعيف، و يطلب الصفح و الغفران من ذي الجلال و الاكرام، فاذا وفقك الرحمان الرحيم الى هذا الخير فاعلم اخي المسلم أن الله يحبك، و يريد أن يحبب فيك الايمان و أن يشملك بعفوه و رحمته.
شهر رمضان هو عبارة عن فرص، اذا لم تستغل الفرصة الأولى فهناك فرصة ثانية، و اذا لم تتفوق في الفرصة الثانية فإنك على موعد مع الفرصة الأخيرة، التي خصها الله لعباده، و فيها ليلة خير من الف شهر، مصداقا لقوله تعالى، “ليلة القدر خير من ألف شهر، تنزل الملائكة و الروح فيها بإذن ربهم من كل امر سلام هي حتى مطلع الفجر” أخجلتنا يا الله بكرمك و عفوك، و رحمتك الواسعة، كل هذا من أجل أن يرجع العبد إلى الله و أن يغتنم هذا الشهر و أن يكتبا عند الله من اولئك الصائمين، الذين خصص لهم الله بيتا في الجنة سماه بيت الصائمين، يدخلونه من باب يسمى بباب الريان.
رمضان على ابواب المغادرة، فاعدو له العدة، و جاهدو انفسكم على فعل الخيرات و الحرص على اداء الصلاة في وقتها و تلاوة القرآن و قيام الليل، و نسأل الله تعالى ان يتقبل منا صالح الاعمال و أن يتجاوز علينا و يغفر لنا و يهدينا الى الطريق المستقيم.
السابق بوست
التعليقات مغلقة.