سناء زيام/إعلامية متدربة
تعتبر ظاهرة أطفال الشوارع بمدينة مراكش ، من الظواهر اللافتة التي تثير جدلا داخل المجتمع المدني التي تفشت قرب مواقف السيارات وفي الحدائق وعلى الأرصفة بعد أن انسد في وجوههم حضن الأسرة، ولم يجدوا ملجأ إلا في بعض الأزقة يتسكعون بها للحصول على لقمة العيش.
مناظر تشمئز لها النفوس ، ويرأف لها القلب ، وتدمع لها العين ، كلما رأينا هؤلاء البراعم في حالة يرتى لها ، يتسابقون لتعاطي المخدرات ، وارخص أنواع الكحول حتى زاد الأمر عن حده ، إلى أن وصل إلى حد الإجرام ، فهم ضحايا قبل أن يكونوا متمردين على دواتهم وعلى المجتمع ، نتيجة عوامل اجتماعية واقتصادية لم ترحمهم ولم تترك لهم فرصة للخيار أمام صعوبة الظروف النفسية والاجتماعية القاسية التي يعيشونها ، نجملها فيما يلي :
يعتبر الطلاق من الأسباب الرئيسية لاستفحال هذه الظاهرة ، ذالك بسبب افتراق العش الزوجية يعرض الأبناء للتشرد والضياع ، بالإضافة إلى عامل الفقر الذي يسفر عن ظهور شاسع في المستويات المعيشية بين الأسر ، فتضطرالاسر الفقيرة إلى دفع أبنائها للعمل بالشارع لعدم كفاية أجر الأب ، مما يؤثر سلبا على نموهم وتنشئتهم ، ثم العلاقات الغير الشرعية التي نجد الكثير من أطفال الشوارع هم ضحايا نزوات لرجل وامرأة جمعتهم علاقة حب أساسها الجنس ، نجم عنها حمل لجنين تنكر له الأب في لحظة أنانية أو الأم خوفا من الفضيحة ، فيجد نفسه في الشارع بدون أسرة . ويأتي حمل العاهرات في مرتبة متقدمة، وأغلبهم لا يعطون اهتماما لأطفالهم بل يتركونهم يهيمون في الشوارع.
لعله من العدل أن نقول دون حذر أن نتائج هذه الظاهرة هي نتائج وخيمة، ولها تأثير كبير على المدينة الحمراء خصوصا هذه الشريحة التي تمثل أجيال المستقبل، لذلك استسقينا بعض التصريحات من ضحايا التفكك الأسري
الشاب أمين الذي كان يسكن مع أسرته في درب الفندق بباب دكالة ، كان يعيش كباقي الناس إلى أن جاء يوم ولم يجد أمه التي غابت منذ أربع سنوات ، حيث تحولت حياته إلى كابوس ، أبوه لايتواصل معه يخرج منذ الصباح ولا يعود حتى المساء لذلك خرج من المنزل، والآن هو يعيش مشاكل كبيرة لن تنتهي إلا برجوع أمه ثم الحالة الثانية ، الطفل ياسين الذي يعيش مع أسرته ويعمل بالجوطية مشكلته بدأت منذ خمس سنوات ، كان يعاني من مشاكل عائلية بين أمه وأبيه ، فخرج للشارع وأصبح مدمنا على جميع أنواع المخدرات ولكن بعدما عادت الأمور إلى مجاريها بين أمه وأبيه ، عاد إلى المنزل لكنه لا زال مدمنا ويتردد على أصدقائه بباب دكالة لأنه لا يعرف كيف يتخلص من الإدمان . بالإضافة إلى الشابة رشيدة التي تبلغ من العمر 29 سنة التي تسكن بسيدي يوسف بن علي ، وسبب خروجها من المنزل هو أنه كانت طائشة لا تسمع لنصائح الغير، ومندفعة لا تبالي للعواقب.لكنها الآن نادمة وترغب بالعودة إلى المنزل ، لكن أباها لايريد استقبالها رغم كل محاولتها إلا أنه لازال مصرا على موقفه .
من كل ماتقدم فإن الأسباب والمسببات التي أدت إلى استفحال الظاهرة تستوجب تدخل كل أطياف المجتمع للقضاء عليها حتى لا تنتج لنا مظاهر مشينة تتجلى في الانحراف ، الأمراض ، التسول ، الإجرام والاستغلال الجسدي والجنسي .
وهنا يطرح أكثر من تساؤل ، إلى متى سيبقى الحال على ماهو عليه دون أي تدخل من طرف الجهات المختصة للحد من هذه الظاهرة المشينة المعلقة على جبين المجتمع والقضاء عليها.
التعليقات مغلقة.