الإنتفاضة
بقلم : “محمد السعيد مازغ “
:مع اقتراب فصل البرد والأمطار والرياح العاتية، ينام العديد من النساء والأطفال والرجال في العراء، يواجهون قسوة الطبيعة ووحشة الليل، بينما ينعم كثيرون بالدفء والأمان. هؤلاء المنسيون يعيشون على هامش الحياة بلا مأوى أو غطاء، معرضين للظلم والاعتداءات، عاجزين عن الدفاع عن أنفسهم أو تقديم شكوى ترفع عنهم الحيف. كل شتاء تتكرر الأخبار المفجعة عن مشردين فارقوا الحياة في زوايا الأحياء، بالمحطات الطرقية، أو قرب المساجد، بسبب البرد القارس. وللبعض، يصبح الكحول والمخدرات وسيلة للهروب من الواقع المؤلم وجرح لا يندمل. ورغم المبادرات الإنسانية لبعض المحسنين والمجهودات التطوعية التي تقوم بها بعض جمعيات المجتمع المدني على قلتها من أجل المساهمة في تخفيف العبء على نساءً وأطفال وشيوخ من البرد والجوع،فتوزغ الملابس والأغطية وبعض الأطعمة… فيما يبقى الجزء الأكبر من الواقع في خانة المتفرجين أو الغائبين. …. أين أثرياء المدينة ومجالسها المنتخبة وجمعيات المجتمع المدني والمؤسسات الخيرية التي وُجدت لخدمة المحتاجين؟ لماذا يقتصر العطاء عند البعض على انتقاء المستفيدين وفق مصالح ضيقة وحسابات شخصية؟
لو توفرت الإرادة الحقيقية، لما عجز مريض عن دواء، أو يتيم عن لباس عيد، أو مشرد عن فراش يأويه من زمهرير الشتاء. فالشتاء ليس مجرد امتحان للبرد والرياح، بل اختبار للإنسانية، تُقاس فيه حرارة القلوب قبل درجات الحرارة. إنه فصل يفرّق بين من يبحث عن الدفء لنفسه، ومن يصنعه بيده لغيره.