الانتفاضة // أيوب الرضواني
الثالث من أبريل 2010، اعتبرت (حركة مواطنون ضد الغلاء) الملياردير أحمد عِز “عدو المستهلك رقم واحد في مصر”، لتلاعبه بالمستهلكين ومخالفته للقانون رقم 3 لسنة 2005 الخاص بحماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية.
المنظمة أفادت بكون أرباح (عِز) السنوية ناهزت 4.3 مليار جنيه من صناعة الحديد. صناعة استحوذ “أحمد” على أيقونتها (شركة الإسكندرية الوطنية للحديد) ابتداء من سنة 1999. ليصبح في أقل من 10 سنوات أحد كبار رجال أعمال نظام مبارك بثروة صافية 19 مليار جنيه، يوم كان الدولار بخمسة جنيهات!
سيناريو مصر مع عِز يتكرر في المغرب مع عزيز؛ التهام للمناصب السياسية إلى جانب تركز الثروة: في مصر، “عِز” شغل منصب عضو لجنة السياسات في الحزب الوطني والرجل الثاني في الحزب بعد جمال مبارك. في المغرب، “عزيز” يملك أكبر ثروة (مواطن) بأزيد من 52 شركة، وهو رئيس (أكوا) حكومة انهارت في عهدها كل مؤشرات الوطن، وارتفعت ثروات رجال الأعمال المقربين من مربع السلطة.
في مصر 2010، اشتكى الناس توحش (عِز) وتحكمه في الأسواق لتضخيم ثروته، وقيّموا مجموع أرباحه بِـ 4 مليارات جنيه من احتكار قطاع الحديد والصلب.
في المغرب، اشتكى المواطنون من هيمنة “أفريقيا عزيز” وأشباهها على المشهد وقاطعوهم عام 2018. ليخرج تقرير رسمي يقول بكون 40% من 17 مليار درهم دخلت بطن الحوت عزُّوز. تقرير دولي (مجلة فوربس) أكد أن ثروة (عِز-المغرب) تضخمت بواقع 900 مليون دولار سنة 2017، وبعدها بالضعف خلال حصار كورونا؛ العام الذي تقدم فيه 70٪ من المغاربة بطلبات دعم 1212!
في مصر، اغتر “عِز” كثيرا حتى قُبيل أشهر من ثورة يناير 2011، مُعتبرا الفيسبوكيين “عيال فاضية”. فكان يرد على شكوى الشعب بمزيد من السعي نحو ترسيخ مكانة جمال مبارك، ومعه قطاع رجال الأعمال في حُكم مصر.
في المغرب، وفي عِز ثورة المقاطعة، خرج عزيز يصف المقاطعين بالدراري الصغار، وحرص أشد الحرص على تسريب خبر تناوله الغداء مع الزعيم كدليل حضوة وثقة. قال بعدها عزيز أن ضربات المقاطعة تُقويه لترأس حكومة 2021. وقد صدق “الرجل” لأن “مثقفي” الانترنيت يقاطعون العدس الانتخابي، فلم يُسوِّط عليه إلا فقير أو انتهازي!
استُقبل عزيز من رئيس الدولة رسميا، قبل وقت طويل من فوزه برئاسة حكومة المساهمة في تسيير الشأن المحلي، مُكلفا إياهه بإعادة توجيه ما يعرف بـ “النموذج التنموي” تخصص فلاحة، لننتقل من مخطط (موسمي) لجيل دائم. النتيجة: احتلال البصل مكانا مرموقا إلى جانب فواكه استوائية قادمة من مثلث بيرمودا، وبحث سيدات البيوت عن شيء آخر غير الطماطم يخشيو فيه (النّد)!
بعدها بأسابيع، ظهر تقرير من 700 صفحة لرئيس المجلس الأعلى للحسابات المُقال دون رسالة شكر “جطو”، يُدين “عزُّوز” بسوء إدارة الثروة الفلاحية للشعب من الشيبة إلى مخطط السمك أليوتيس. النتيجة؟ تجديد الثقة في أخناتوش وطرد ولحاق جطو برئيس مجلس المنافسة!
في مصر، وحتى بدايات 25 يناير. أمِلت الجحافل حتى آخر رمق في تغيير جذري لكن تدريجي ومن الداخل. لكن أفيون السلطة يُعمي الأعين، فلا يستفيق المعنيون بالأمر حتى تقع الفأس في الرأس.. لأن الخبر السيء أن دوام الحال من المحال. مع ملاحظة كون الإصلاح ديْن، كلما تأخرت في سداده زادت كلفته مع فوائد مركبة!
للقصة بقية….
التعليقات مغلقة.