المعارضة تنتقد الحكومة بسبب تقييد حرية الإعلام

اتهامات بالتضييق على الصحافيين ومحاولات للهيمنة على المجلس الوطني للصحافة

الإنتفاضة // إلهام  أوكادير // صحفية متدربة

في جلسة أخرى داخل مجلس النواب، عبّرت مكونات المعارضة في تصريح انتقادي لها و بوضوح عن قلقها العميق، تجاه السياسات الحكومية المتعلقة بقطاع الإعلام وحرية التعبير، حيث أكدت على ضرورة إيجاد مخرج فعّال للمجلس الوطني للصحافة، حتى يستعيد دوره الحيوي و الفعال كمظلة تنظيم ذاتي، تكرّس المهنية والشفافية في الممارسة الصحافية.

كما نبّهت إلى خطورة استمرار المتابعات القضائية ذات الطابع الجنائي بحق الصحافيين والنشطاء، والتي تفرض قيودًا غير مبررة على حرية الرأي، وتحد من قدرة الإعلام الوطني على القيام بدوره في مراقبة العمل الحكومي ونقل الحقيقة بكل استقلالية ومصداقية.

فعلى الرغم من أن الدستور يكفل حرية التعبير كحق لا يمكن التراجع عنه، إلا أن الممارسات اليومية لا تعكس هذا الالتزام، حيث تستمر المتابعات القضائية ضد الصحافيين والنشطاء بنهج صارم، لا يتماشى مع روح دولة القانون التي تدعو إلى التدرج في العقوبات، وتفضيل الحلول التأديبية والمدنية على العقوبات الجنائية، و هو ما يفترض أن يطرح في هذه الأحوال، في رأيي، خاصة و أنّ الغاية المحرِّكة للعمل الصحفي، لا يمكن أن تنبني إلا على رغبةٍ في إصلاحِ أو تعديلِ جانب من الجوانب التي تخدم المواطن، فالنية أبلغ حتى و إن ساء التعبير.

و كما هو معلوم، فإن القطاع الإعلامي يواجه تحديات بنيوية واضحة، تتمثل بالأساس في ضعف الأوضاع المهنية لغالبية الصحافيين، الذين يفتقدون لعقود عمل مستقرة، ما يحول دون تحقيق استقلالية حقيقية، ويؤثر سلبًا على جودة المحتوى الإعلامي و مصداقيته كذا موضوعيته، في الوقت نفسه، يبقى الإعلام العمومي، محاطًا بالغموض ويعاني من تدخلات سياسية واضحة، حيث تُعيّن قياداته بعيدًا عن معايير الكفاءة والموضوعية، ويتحول في أحيان كثيرة إلى أداة ترويجية بدلاً من أن يكون منبرًا للنقاش الحر والتثقيف الديمقراطي، في إقصاء مخزٍ لسلطته، و تهميش تام لدوره الحيوي في تنوير الرأي العام و طرح الظواهر الإجتماعية و توفير المعلومات و الأخبار و غيرها، لتصبح اليوم محط عقاب و استصغار، ما يدفع العديد إلى نعت الصّحافة، بأنّها مهنة من لا مهنة له.

فالتنظيم الذاتي للصحافة، الذي كان يشكل نموذجًا رائدًا في المنطقة، يمر اليوم بأزمة حقيقية، جراء تأجيلات متكررة وعدم تجديد هيكله، مما أسهم في فتح المجال أمام تدخلات خارجية، تسعى إلى السيطرة على القطاع والإخضاع الكامل له، ما يهدد استقلالية الصحافة ويضعف حرية التعبير ويقوض التعددية الإعلامية.

كما لا يمكن تجاهل دور الدعم العمومي في تضييق هامش الحرية، و هذه نقطة أخرى فارقة، حيث تُمنح الموارد المالية بشكل غير عادل لمؤسسات إعلامية موالية للحكومة، بينما تكافح المؤسسات المستقلة للبقاء، ما يحد من فرصها في تحقيق استقرار مالي وحماية استقلاليتها.

بالإضافة إلى ذلك، فإن إلغاء مجلس الصحافة واستبداله بلجنة مؤقتة تعيّن من قبل رئيس الحكومة، يعكس توجهًا خطيرًا نحو تقليص مساحة الإعلام المستقل، ما يشكل تهديدًا صريحًا لمبادئ حرية الصحافة والديمقراطية التي تضمنها القوانين الوطنية والدولية.

التعليقات مغلقة.