الانتفاضة // شاكر ولد الحومة
مدينة مراكش، التي تمثل رمز الحضارة المغربية وواجهة سياحية عالمية، تعيش على وقع فضيحة جديدة تفجرت داخل أروقة شركة العمران الجهوية بمراكش آسفي. تتعلق القضية بعقود بيع لمنتجات عقارية وُقعت من طرف شخص لا يحمل الصفة القانونية، ما يجعل هذه العقود باطلة ويهدد حقوق المواطنين الذين وثقوا في مصداقية الشركة.
تعيين جديد: وعود كبيرة وواقع مرير
في 27 سبتمبر 2024، أعلنت شركة العمران عن تعيين شكير زهوان مديراً عاماً جهوياً جديداً، في خطوة وصفت بأنها بداية جديدة لتعزيز الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة. التعيين جاء بعد اجتماع ترأسه المدير العام لمجموعة العمران، بدر الغزاوي، بحضور والي جهة مراكش آسفي وعمدة المدينة. تم حينها التركيز على تسريع المشاريع الكبرى، خاصة “البنايات المهددة بالانهيار” و”مدن بدون صفيح”، إضافة إلى تحسين جودة المشاريع السكنية المتعثرة.
غير أن الواقع أثبت عكس ذلك، حيث بقي المدير الجديد لمدة تزيد عن شهرين دون تفويض قانوني للتوقيع، ما أدى إلى شلل تام في سير العمليات الإدارية والمشاريع الجارية.
عقود بيع باطلة ومصالح المواطنين في خطر
أكبر المفاجآت تمثلت في الكشف عن توقيع عقود بيع لمنتجات الشركة من طرف جهة لا تحمل الصفة القانونية. هذه العقود، التي يفترض أن تكون موقعة من المدير الجهوي بصفته الممثل القانوني للشركة، أصبحت عرضة للبطلان، ما يهدد حقوق المواطنين الذين اشتروا العقارات عن طريق الشباك أو عبر العروض الرسمية.
الازدواجية في صرف المستحقات
إلى جانب ذلك، أثار صرف مستحقات لبعض الشركات دون الأخرى تساؤلات حول معايير الشفافية والعدالة في تدبير الموارد. هذا التمييز يؤكد على غياب رؤية واضحة وسياسات موحدة داخل الشركة، مما يثير مخاوف إضافية بشأن نزاهة الإدارة.
أين المحاسبة والشفافية؟
الوضع الحالي يعكس تناقضاً صارخاً بين الخطاب الرسمي والواقع. بينما تم الترويج للتعيين الجديد كخطوة نحو الإصلاح وربط المسؤولية بالمحاسبة، يبدو أن المدير المعين جاء فقط “لملء الكرسي الفارغ”، دون أي صلاحيات فعلية تمكنه من القيام بمهامه.
دعوات للتحقيق والمحاسبة
في ظل هذه الفضائح، بات تدخل وزارة الداخلية والمجلس الأعلى للحسابات أمراً ضرورياً لوضع حد لهذه التجاوزات. لا يمكن أن تستمر مدينة بحجم مراكش، والتي يُنتظر أن تستضيف جزءاً من مونديال 2030، تحت وطأة العبث الإداري الذي يهدد التنمية المحلية ويقوض ثقة المواطنين في المؤسسات.
على الجهات المسؤولة أن تتحرك فوراً لفتح تحقيق شفاف حول العقود الباطلة، وضمان حقوق المتضررين، ومحاسبة كل من يثبت تورطه في استغلال منصبه أو الإخلال بواجباته. مدينة مراكش وأهلها يستحقون إدارة مسؤولة ونزيهة تضع مصالحهم فوق كل اعتبار.
“كفاكم عبثاً في أرض سبعة رجال… إن مراكش أكبر من أن تُدار بهذه الطريقة.”
التعليقات مغلقة.