اعلام الزي الموحد العاري

الانتفاضة // الاستاذ // هشام روزاق

كانت جينات القتل موجودة على الدوام، في الأحزاب والجمعيات والمنتديات، في النقابات والمؤسسات المدنية…والدولة اقتفت هوى الباحثين عن السلطة والمال والحظوة… ووفرت لذوي الهوى…هواهم الذي هوى بنا جميعا، وهوى بالدولة نفسها، حين اكتشفت أكثر من مرة، أنها اقتلعت بيدها، كل صمامات الأمان الضرورية لمواصلة العيش.…وتماما كما حدث في الأحزاب والنقابات والجمعيات، كانت جينات القتل في الوقت…

هذه دولة تصر على مواصلة الاستثمار، وتبديد المال العام، في إعلام محلي لا يحقق إشباعا في الداخل، ولا يثير شهوة في الخارج… إعلام يشبه حكاية ممثل “بورنو” يريد أن يصبح نجما دون خدش الحياء، في النهاية…الدولة عندنا تشبه الإعلام الذي تريد…تشبه، الإعلام الذي ذهب إلى “كوت ديفوار” في بطولة كأس الأمم الإفريقية…

إعلام يلبس الزي الموحد…ويقضي وقته في مناقشة “قضاياه الكبرى”: قضايا توفير المبيت والأكل والتنقل…بينما الخبر والتاريخ يكتب في أماكن أخرى.

دولة…تعرف جيدا، أن كل هذا المشروع الإعلامي الذي أطلقته، وكل هذه الكائنات الإعلامية التي صنعت، أو شجعت على الوجود، لا تحقق لها مصلحة، ولا تؤدي لها خدمة، وأنها، عكس ذلك، تنقل عن الدولة صورة مشوهة وبليدة…لكنها مع ذلك، تصر عليها وتحضنها…تماما كما يفعل “طائر الوقواق” (Cuculidae) حين يضع بيضه في أعشاش طيور أخرى، كي تتكلف بعناية فراخه…

صورتنا في كأس أمم إفريقيا، ونحن نرتدي الزي الموحد ونناقش جدوائيتنا من خلال التنقل والأكل والمبيت…هي صورتنا الحقيقية.

صورتنا الحقيقية كإعلام… وكدولة، نرتدي جميعا زيا موحدا…ونخرج على العالم عراة.

وهذا…بعض من كلام

الإعلام متحفزة جاهزة…كان يكفي أن يصير الحرف بدرهم، كي تتحول الكلمات لأرصدة بنكية، وكي يصير الخبر سلعة.

التعليقات مغلقة.