حاوره : محمد السعيد مازغ – ابراهيم السروت
أحمد تويزي، رئيس مجلس جهة مراكش تانسيفت الحوز، وجه من الوجوه السياسية التي استطاعت أن تصمد وتنجح في تدبير الشأن المحلي، والانخراط أيضا في العمل السياسي الوطني والدولي، ويتميز بالأريحية وبسعة الصدر.. وللتعريف بهذا الفاعل السياسي والجمعوي الذي هو في غنى عن التعريف، ارتأت جريدة الانتفاضة إجراء حوار لامست خلاله مجموعة من الجوانب التي لم يسبق لأية جريدة إثارتها مع أحمد تويزي، وكانت أجوبته في غاية الصراحة رغم أننا لا نتفق معه كما لا يتفق معه الكثيرون في بعض التفسيرات للأمور خاصة في اعتباره لبعض الهيئات السياسية بأحزاب يسارية..،
أسبوعية الانتفاضة: من يكون أحمد تويزي ؟
أحمد تويزي: أحمد تويزي ، رجل تعليم أولا، متزوج وأب لطفلين ، دخلت إلىالسياسة وأنا شاب صغير وكان ذلك سنة 1974، وكنت منخرطا في حزب الاتحادالوطني للقوات الشعبية بمراكش الذي كان يترأسه الأستاذ عبد الله ابراهيمرحمه الله، وجاء انخراطي ذلك، بعد انفصال حزب الاتحاد الاشتراكي عنالاتحاد الوطني للقوات الشعبية..قبل انتخابات 92 انخرطت في العمل السياسي وتقلدت مهمة رئيس بلدية أيتأورير بإقليم الحوز مراكش، ثم برلمانيا عن إقليم الحوز إلى اليوم.كنت عضوا بالمجلس الأعلى للتعليم مدة 6 سنوات، و محاسبا لمجلسالمستشارين..وأعتبر من أقدم أعضاء البرلمان الدولي «منذ حوالي 96» ،وانخرطت في مجلس الجهة في 2003 مرتين او ثلاثة، وخلالها تقلدت منصب إمانائبا للرئيس أو كاتبا للمجلس، وأخيرا حظيت بالثقة، فأصبحت رئيسا لمجلسجهة مراكش تانسيفت الحوز سنة 2011.
أسبوعية الانتفاضة: خلال مساركم السياسي، نلاحظ أنكم انتقلتم من أقصىاليسار ( الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ) إلى أقصى اليمين الاتحادالدستوري، هل من تفسير لأسباب التحول ب 180 درجة؟
أحمد تويزي: على العكس تماما، فالمتتبع لمسار الأحزاب السياسية بالمغرب،والعارف بتفاصيل إحداث حزب الاتحاد الدستوري يعلم أن هذا الحزب أسسهوأحدثه أعلام وسياسيون كان لهم باع كبيرفي الحركة الوطنية، فحزب الاتحادالدستوري في تلك الفترة، حزب ضم اليساريين كما هو الشأن بالنسبة لحزبالبام اليوم، وكان من أعضائه الرئيس المؤسس المعطي بوعبيد، وعبداللطيف السملالي ، ومحمد الأبيض، وعبد العزيز المسيوي وعمر بلقزيز،وغيرهم.. ، وكانوا جميعا في الاتحاد الوطني، كما أنهم كانوا متشبعينبالفكر التقدمي والحداثي. السر في الانتقال هو أن حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الذي كان علىرأسه المناضل الأستاذ عبد الله ابراهيم الذي نحترمه كثيرا، ولا احد يمكنأن ينعته بسوء، باعتباره رجل مارس السياسة بأخلاق، وظل طيلة حياته وفيالمبادئه، شهما أنيقا، لم يخنع لأية جهة ولم يساوم، وبالتالي فقد مات علىمبادئ وأخلاق عاليتين، لم يكن رحمه الله يرغب آنذاك في المشاركةالسياسية، ونحن الذين كنا شبابا متحمسين طموحين، أحببنا أن نشارك فيالاستحقاقات الانتخابية، فقررنا الانتقال إلى حزب الاتحاد الدستوري الذيكان يضم آنذاك أناسا كانوا في حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، بعدهابمدة طوية، دخلت في صراعات شخصية مع بعض الأشخاص وليس مع توجهات الحزبومبادئه، وكانت خلافات طبيعية تكاد تطرح في جميع الهيئاتالسياسية، فانتقلت إلى حزب الحركة الشعبية، علما ان الاتحاد الدستوريبالنسبة لي يبقى دائما بمثابة المدرسة المرجعية، وبعد ذلك انخرطت في حزبالأصالة والمعاصرة.
أسبوعية الانتفاضة: إذا اعتبرتم الاتحاد الدستوري في تلك الحقبة حزباتقدميا، فهل تصدر الحكم ذاته على الحركة الشعبية والأصالة والمعاصرة ؟
أحمد تويزي: حين نتحدث عن اليمين واليسار والوسط في المغرب، فإنه يستحيلأن نضع سطرا واضحا يفصل بين هذه التوجهات، أي ما بين اليمين واليساروالوسط. اليساريون المغاربة يحملونمشروع الحرية، العدالة، حقوق الإنسان،والمساواة ..، وجل الهيئات السياسية بالمغرب تحمل اليوم نفس الشعار،وتتشبت بمثل هذه المشاريع الإنسانية، وفي اعتقادي أن كلمة يسار سقطت بعدسقوط حائط برلين، ذلك أن كل التوجهات أصبحت تتركز حول هذه القيموالمفاهيم الكونية.
أما بالنسبة للأصالة والمعاصرة كمشروع :» إذا تذكرتم الانتخابات النيابيةلسنة 2007، فقد شارك حوالي 30 في المائة من المغاربة حسب الإحصاءاتالرسمية، وهو مؤشر على أن المغرب أصبح في وضع خطير جدا، ولا تبشرالمعطيات الإحصائية بخير لبلد يريد أن ينمي ديمقراطيته، بمعنى أن 70 فيالمائة من المواطنين كانوا في واد، والسلطات والأحزاب في واد آخر، كان
التفكير في إعادة النخب إلى العمل السياسي وتشجيع الشباب على الانخراط فيالأحزاب، وكان لا بد من إعادة الثقة في العمل السياسي، فعلى هذا المنوالتكون حزب الأصالة والمعاصرة بمرجعياته الأساسية بتوفره على منظور سياسيللحزب الجديد، حيث التحق به يساريون، ومعتقلون سياسيون سابقون، وحتى منكان لهم صراع مع النظام بعد تجربة المصالحة والإنصاف، حين أرادت الدولة
أن تقطع مع الممارسات السابقة وتكريس دولة الحق والقانون.الحزب الجديد لم يأت ليعزز الرقم 33، الذي يمثل عدد الأحزاب المغربية،وإنما جاء بمفهوم جديد لتحريك البركة الآسنة التي يتخبط فيها العملالحزبي حين أعلن رسميا عن ميلاد الأصالة والمعاصرة، وقد أثار ذلك حفيظةبعض الهيئات السياسية ، ولا أحد ينكر أن المغاربة اليوم يتطلعون إلىأخبار الأحزاب السياسية والمؤسسات التشريعية بشغف كبير بعد أن استطاع حزبالأصالة والمعاصرة أن يخلخل التوازن أو لنقل الركود الذي كان يعرفهالمشهد السياسي، فأخبار الأحزاب السياسية وجلسات المؤسستين التشريعيتينكانت آخر اهتمامات المواطن المغربي، لكن مع قدوم حزب الأصالة والمعاصرةتغير الوضع، كما تغيرت خريطة الأحزاب السياسية، ولم يعد من الصواب أننتحدث كما قلت سابقا عن أحزاب يسارية وأخرى يمينية أو أحزاب وسط بالمفهومالإيديولوجي.
أسبوعية الانتفاضة: كل ذلك، وتحاشيتم الإشارة إلى الخانة التي يمكنتصنيفكم فيها داخل المشهد السياسي المغربي، وهل حقا أنكم أسستم هيأتكمعلى حساب باقي الهيئات السياسية !
أحمد تويزي: نحن كهيئة سياسية لم نصنف أنفسنا في خانة من الخانات ، ولكنما أؤكد عليه أن حزب الأصالة والمعاصرة حزب تقدمي يقترح مشاريع ذات حمولةاجتماعية حقوقية وحداثية.
في سنة 2009، نجح الحزب في خلخلة التوازن بالمشهد السياسي، وكان طبيعيا أن يفتح الباب في وجه المواطنين باختلاف مستوياتهم، من تجار، فلاحين،موظفين، وطلبة…. كما انخرط في الحزب أيضا بعض الناس الذين لا صلة لهمبالمشروع المجتمعي، ولا بأهداف الحزب المعلنة، وقد كان من الطبيعي أنيعمل الحزب على تحديد الأولويات وكذا تحديد السقف الأخلاقي لاستمراريةالحزب، خاصة بعد تكوين لجنة الأخلاقيات.
أسبوعية الانتفاضة: ولكن كثيرة هي العواصف والمواقف التي ألمت بحزبالأصالة والمعاصرة، ولم يكن موقف الحزب واضحا بما فيه الكفاية ، ونعنيعلى سبيل المثال، موقفه من حزب العدالة والتنمية، حكومة ابن كيران،الربيع العربي وموقفكم من حركة 20 فبراير؟
أحمد تويزي: الأصالة والمعاصرة لعبت دورا أساسيا في تهدئة الأوضاع فيالمغرب، ولن أخفي عنكم قناعة أن الأقلية المنظمة يكون تأثيرها علىالمجتمع أكثر من الأكثرية غير المنظمة، حزب العدالة والتنمية كان بدورهذكيا في الاستفادة من الوضع، وتوفق في إستراتيجيته،أما الحديث عن حكومة ابن كيران، فيمكن القول بأنها تتبع خطابا مزدوجا، لأنها تحاول أن تجمع بين شرف المعارضة وسلطة الأغلبية، فحين تتحدث عن العفاريت و الأشباح والتماسيح، فهذا خطاب للاستهلاك اليومي والإعلامي، فالكل يعلم أن رئيس الحكومة اليوم له اختصاصات لم يسبق لأي رئيس حكومة في المغرب ان توفرت له، لذا يجب ان نحاسبه، ونراقبه في إطار ما ينص عليه الدستور.
أما بخصوص ما يصطلح عليه بالربيع العربي، فأعتقد أن للمغرب خصوصيته، رغم أن هناك تيارات قارنت المغرب بما يجري في ليبيا تونس وسوريا، على اعتبار أن هذه الشعوب كان لها موقف من الأنظمة التي تحكمها، في حين المغاربة قاطبة كانوا متفقين على الملكية، ولم يمس أي كان شرعية النظام في المغرب، الأحزاب كلها لا يوجد فيها من يطعن في شرعية النظام. إذا لاحظنا مطالب حركة 20 فبراير، نجد أنها هي المطالب التي سبق للاتحاد الاشتراكي أن طلب بها في الستينات، وهي مطالب الحركة الوطنية، وهي كذلك مطالب الأصالة والمعاصرة اليوم، فحين تكون حزب الأصالة والمعاصرة، كان من بين مطالبه تعديل الدستور، وقد كنا في المؤتمر الأول نطالب بتعديلات ثورية لدستور المملكة قبل 20 فبراير، وقد لعبت بعض الجهات دورا كبيرا في تأليب الرأي العام ضد الحزب وتحميله مسؤولية كل آفات المغرب، وتعرضنا لحملات مغرضة، ووفرت إمكانيات لا تتصور من أجل اجتثاثنا، ولولا قوة الحزب وتماسكه لاندثر وانتهى أمره، وقد جاءت الانتخابات وقررنا أن لا نترشح في كل الدوائر حفاظا على التوازن ، وحصلنا على 47 نائبا رغم أننا لم نغط كل الدوائر، وبعد اتضاح معالم مكونات المؤسسة التشريعية، آثرنا أن نمارس دورنا من خلال المعارضة، ذلك أن التجربة الديمقراطية لا يمكن ان تبنى وتتقوى إذا لم تكن هناك معارضة ، وأعتقد أن حزب الأصالة والمعاصرة اليوم يمثل شكلا جديدا من أشكال المعارضة النقدية والبناءة، ولا نمارس المعارضة التقليدية التي ترتكز على التشويش والهدم.
أسبوعية الانتفاضة : كل التوجهات تؤكد أن المغرب ماض في محاربة الفساد والقطع مع ماض نهب وتبذير وإهدار المال العام، ولكن حزب الأصالة والمعاصرة ظل موقفه شبه غامض، خاصة بعد مساندته لبعض المتهمين بالفساد ؟
أحمد تويزي: هذه مجرد افتراءات ودسائس، وهي أيضا مغالطات يسعى خصوم الحزب من خلالها المس بمصداقيته، فأهدافنا لا لبس فيها، حيث نادينا دائما بمحاربة الفساد، لكن من منظور قانوني وتشريعي، وليس عبر التكهنات وجرد قواميس العفاريت والتماسيح وما شابهها من الشعارات الفارغة.
إن محاربة الفساد تتم بوضع القوانين والتشريعات، وعلى الحكومة اليوم أن تضع الآليات لذلك
إذا كانت فعلا تريد كبح جموح الفساد ، لقد قام حزب الأصالة والمعاصرة بفك الارتباط مع عدد من المنتسبين إليه، نظرا لأن مجموعة من شبهات الفساد تحوم حولهم. فالحزب الذي نادى بمحاربة الفساد قبل ظهور حركة 20 فبراير وقبل ما يصطلح عليه بالربيع العربي، لا يقبل أن يبقى ضمن هيئاته وتنظيماته من تشير إليه الأصابع بالسوء، خصوصا حينما يرتبط الأمر بالفساد المالي والإداري الذي أدارت الحكومة ظهرها عنه ورفعت شعار « عفا الله عما سلف ».
«أنا شخصيا لا أومن بالسياسوية، فحين تقوم الحكومة بشيء ايجابي يجب ان نصفق لها، فحين اتخذت قرارا صارما وشجاعا يخص «الإضراب» صفقنا له، لأنه حد من تلك الإضرابات العشوائية التي تحرم أبناءنا من التعلم وتحرم المواطنين من خدمات القضاء وغيره من القطاعات التي كانت تشهد إضرابات عشوائية متتالية، وكذلك الشأن بالنسبة للحد من التوظيف المباشر، لكن بالمقابل هناك قرارات أخرى تفرق فيها الحكومة «اللغا « ولا طائل من ورائها ؟ فما كان حزب العدالة والتنمية يطالب به أثناء المعارضة، تأكد لهم بعد تولي المسؤولية انه غير قابل للتحقيق، وليس بتلك البساطة، فالواقع وممارسة الشأن العام تكذب كل التكهنات، كما أن الحكومة لم تكن لديها الشجاعة لتقول ان تدبير الشأن العام ليس بتلك البساطة التي كانت تتراءى لها، فضلا عن أنها لا تملك برنامجا واقعيا وملموسا لبلوغ الأهداف التي سطرتها إبان تواجدها في المعارضة، والأنكى أنها بدلا من الاعتراف بصعوبة التطبيق، تقوم الحكومة اليوم ببث خطاب مزدوج، فهي التي تمارس وتتحكم في الشأن العام اليوم، ورغم ذلك تتشبث بشرف المعارضة من خلال الشكوى والادعاء بتواجد المشوشين، وهي ادعاءات أعتقد أنها لن تنطلي على المغاربة اليوم بعد أن تبث قصر رؤية الحكومة في العديد من الملفات الشائكة.
أسبوعية الانتفاضة: ولكن ألستم أنتم من يعرقل عمل الحكومة ؟
أحمد تويزي: كيف يمكن لحزب في المعارضة أن نعرقل عمل حكومة تتوفر على الأغلبية، ويتيح لها الدستور اختصاصات واسعة؟ هل نحن نقيد أيادي وزرائها ؟ ما يعرقل عمل الحكومة هو عدم توفرها على برنامج ورؤية شاملة لواقع المغرب وطرق الخروج به من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تحدق به، هذا فضلا عن عدم التناغم والتناسق بين مكونات الأغلبية، وأعتقد أن ملفات من مثل دفتر تحملات القطاع السمعي البصري ومآله، وكذا موضوع إصلاح صندوق التقاعد وصندوق المقاصة هي ملفات تبرز الاختلاف الواضح بين مكونات الأغلبية.
إننا نترقب جميعا إصلاح صندوقي التقاعد والمقاصة، ونحن مستعدون للتصويت عليهما، علما أن إفلاس الصناديق ليس من مسؤولية الحكومة، فهو نتاج تراكمات سابقة، ولكن حين تقلد رئيس الحكومة المسؤولية صرح أمام الرأي العام أنه سيقوم بإدخال إصلاحات تنقذ تلك الصناديق، وأرى أن هذا التصريح طوعي، لم يفرضه عليه أحد، وجاء كذلك ليبشر بتحويل السميك إلى 3000 درهم، ومنح 1000 درهم للأسر المعوزة… لكن لا شيء من ذلك تحقق، ومن هنا يتأكد أن الحكومة هي التي تعرقل المشاريع وتعتمد ( الخطاب المزدوج )، أما المغاربة جميعهم فهم يريدون نجاح التجربة لأن نجاحها هو نجاح المغرب، ويريدون حكومة مسؤولة، تقطع مع التسيير العشوائي، وتحترم ذكاء المغاربة وتتجنب دغدغة المشاعر.
أسبوعية الانتفاضة: تحددث كثيرا عن الحزب والحكومة، فماذا عن مجلس جهة مراكش تانسيفت الحوز التي تترأسونها ؟
أحمد تويزي: الجهة هي المستوى الثاني بعد الدولة فيما يخص التشريع لدى الدول التي تتبنى الجهوية، وهي إطار ملائم لبلورة إستراتيجية بديلة للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية والمحلية. و تقوم على تعبئة المواد و الطاقات المحلية من أجل ترسيخ الديمقراطية و تطوير البناء الجهوي، لقد تحدث جلالة الملك عن الجهوية الموسعة بمناسبة الذكرى 33 لانطلاق المسيرة الخضراء معلنا بذلك ضرورة تبني مفهوم مغربي – مغربي للجهوية منطلقا من خصوصيات محلية من أجل تحقيق التنمية المنشودة.
ومن تم فهذا القرار السياسي المتخذ في المغرب، يتجه في إطار تطوير الجهوية الموسعة وهو يسمح لنا بالتساؤل عن أي نوع من التسيير الجهوي نريد الآن ؟
لقد كانت السلطات تتحكم في تدبير الشأن المحلي، ولم تكن الدولة تؤمن باللامركزية ولا تؤمن بالمشروعية الانتخابية وبالتالي عملت بكل إمكانياتها من أجل صنع خريطة على المقاس، الشيء الذي نتج عنه فقد الثقة في العمل السياسي حتى إن المواطن بات يشكك في رؤساء الجماعات،
والمسؤولين، بل وتنعث هذه الجماعة بهدر المال العام، وتلك باختلاسه، والدولة تتفرج، ولا أحد يتساءل عن ميزانية الاستثمار الهزيلة المخصصة لمجالس الجماعات والغرف المهنية والتي لا تتجاوز 20 في المائة من الميزانية العامة للدولة، ورغم ذلك، استطاعت في نظري أن تحقق بذلك القدر اليسير نجاحات لم تستطع جهات أخرى في ميادين عدة لها إمكانيات هائلة
بلوغها.
أما بخصوص ميزانية مجلس جهة مراكش تانسيفت الحوز فتجب الإشارة إلى أنها لا تتجاوز 98 مليون الدرهم «70 في المائة منها مخصصة للموظفين والتسيير و 30 في المائة للتجهيز ..،
أسبوعية الانتفاضة: أستسمح ولكن من المؤاخذات على مجلس الجهة وبدلا من أن يتم صرف الأموال على مجموعة من القطاعات الاجتماعية والثقافية التي تعاني فيها الجهة نقصا حادا، ارتأت تخصيص الدعم لمجموعة من الجمعيات «الموالية» والتي لا أثر لها في الوسط الشعبي؟
أحمد تويزي: هذه ادعاءات لا أساس لها من الصحة، فهناك كناش تحملات وهناك شروط صارمة، والجهة لم تقدم أي دعم لأحد لا تتوفر فيه تلك الشروط، فضلا عن أن أغلب الجمعيات التي حظيت بدعم الجهة تشتغل في المجال الرياضي والثقافي، فمثلا بالنسبة للمجال الرياضي تسلمت 120 جمعية المطبوع المخصص لطلب دعم الجهة، ولم تضعه سوى 80 جمعية، ولم يتم قبول إلا أربع جمعيات رياضية استجابت ملفاتها لكناش التحملات، وقد أعطينا فرصة ثانية لهذه الجمعيات لإعداد الملف وإدراجه خلال الدورة الموالية، وانتهى الأمر باستفادة جمعيتين عن كل إقليم، وحظيت مدينة مراكش بأربعة لأنها مركز الجهة. ولكي أطلع القارئ على حجم دعم الجهة لفريق الكوكب المراكشي فهو في حدود350 مليون سنتيم، رغم أن المكتب المسير طلب فقط 250 مليون، وقد دعمه أيضا المجلس الجماعي لمدينة مراكش، وقد كان الهدف هو أن ندعم الفريق الذي باستطاعته أن يمثل الجهة في فرق الصفوة، وأعتقد أن الدعم الذي تم تخصيصه لفريق الكوكب المراكشي من طرف مجلس الجهة والمجلس الجماعي قد أعطى أكله من خلال المرتبة التي أنهى بها فريق الكوكب المراكشي هذا الموسم، ونحن مستعدين لرفع قيمة الدعم إذا كانت نتائجه أفضل خلال الموسم القادم، كل ذلك بالطبع مع تبرير صرف الدعم الذي حصل عليه، وذلك من خلال وثائق محاسباتية وقانونية.
أسبوعية الانتفاضة: مادمتم تتحدثون عن ادعاءات، هل يمكنكم أن تحدثونا عن مآل مجموعة من التجهيزات والمقتنيات التي سبق لمجلس الجهة أن اقتناها في ولايات سابقة؟
أحمد تويزي: يقوم مجلس الجهة في كل الدورات بعقد شراكات من أجل التجهيز واقتناء معدات لمجموعة من المصالح أو الجماعات في مختلف أقاليم الجهة، ومجلس الجهة لا يتوفر على الآليات القانونية الضرورية لمتابعة مآل هذه التجهيزات والمقتنيات، فهناك مجلس للحسابات وهناك مؤسسات تراقب من ضمنها وزارة الداخلية، لقد وزعنا مؤخرا 2000 دراجة عادية في إطار برنامج
لمكافحة الهدر المدرسي ، وحرصنا على أن تصل إلى مستحقيها، ولا يمكن أن ندخل في مراقبة إن كان متسلم الدراجة ركبها ام سلمها لفرد من أسرته، أو باعها أو احتفظ بها لنفسه، نحن نقدم الدعم في محضر رسمي، وعلى الجهات المسؤولة مراقبته.
أسبوعية الانتفاضة : هل من تفسير لتخصيص دراجات نارية للأمن الوطني ومؤسسات أخرى، ولم يحظ بنفس الكرم أعوان السلطة والقوات المساعدة والمؤسسات الأخرى الأكثر إحتياجا ؟
أحمد تويزي: « الأمن في المغرب يحتاج إلى مساعدات مادية ومعنوية ووسائل وأجهزة إلكترونية ولوجيستيكية وكلها تكلف الدولة ميزانية كبيرة، والجهة كمؤسسة عمومية يهمها أمن واستقرار البلاد، فقد فكرت في تقديم مساعدات عينية حسب الامكانيات المتوفرة ، ونحن نعلم أن الأمن يهم الجميع، وعلى كل واحد منا المساهمة قدر المستطاع، من جهتنا ، توصلنا بطلب من ولاية أمن
مراكش بخصوص دعم عبارة عن 40 دراجة نارية كما قمنا بتجهيز المركز الاجتماعي لرجال الأمن، وعندما سنتوصل بطلبات دعم من مؤسسات مشابهة فلن نتوانى عن دعمها.
أسبوعية الانتفاضة : الجميع يتحدث على أن مجلس الجهة لا يتوفر على معارضة، وجميع قرارات المجلس تمر بالموافقة، لا نقاش حاد ولا مواقف مضادة، رغم ان مكونات المجلس تتكون من هيئات سياسية مختلفة ؟
احمد تويزي : نحن نؤمن بالعمل المؤسساتي الذي لا ينتظر انعقاد الجلسة العامة لمناقشة القضايا والملفات والتصويت عليها بالسلب أو الإيجاب، نحن نعمل سويا ونتدارس الأمور داخل اللجان التي تناقش بجد جميع القضايا والنقط المطروحة، وهنا لا بد أن أشير إلى أن كل النقط التي تكون خلال
الدورات تسبقها نقاشات مستفيضة في اللجن الدائمة، حيث تتم مجموعة من المقترحات والتعديلات داخل هذه اللجن، فالعمل الدؤوب والجدي الذي تشهده جلسات اللجان الدائمة هو الذي يفسر ذلك التوافق الذي يلحظه الجميع خلال الدورات العادية.
إن الملاحظ لعمل المجالس الأوروبية يلاحظ أن العملية تتم بشكل يسير حيث يعلن مثلا البند رقم 1 السطر رقم 2 فترفع الأيدي بالتصويت، لأن الكل مساهم ومشارك في العملية داخل اللجان، ولا ينقصها سوى المصادقة. وأعتقد أن مجلس جهة مراكش تانسيفت الحوز قد قطع أشواطا كبيرة بهذا الخصوص، وهي فرصة من خلال منبركم الكريم أن أتقدم بالشكر لكل أعضاء مجلس جهة مراكش تانسيفت الحوز على تفانيهم وغيرتهم على الجهة، وأعتقد أن جهة مراكش تانسيفت الحوز من خلال مقترح الجهوية الموسعة بعد التقطيع المقترح، ستصبح في مقدمة الجهات الرائدة والمنتجة بالمملكة نظرا لتنوع مواردها وغناها الإثنولوجي والاجتماعي، وكذا لغنى مرجعياتها التاريخية والثقافية.
التعليقات مغلقة.