عندما يزيغ قطاع الشباب و الثقافة و التواصل الى اللامعنى

0

الإنتفاضة 

بقلم.   محمد أمين وشن

     منذ السابع والعشرين من شتنبر عاد الشارع المغربي إلى الواجهة حيث خرج الشباب في مختلف المدن يصرخون ضد الغلاء ، ضد البطالة ، ضد انسداد الأفق خرجوا لأنهم لم يعودوا يصدقون الخطابات المنمقة ولا الوعود الحكومية التي تبيع السراب وتستثمر في الوقت الضائع خرجوا لأنهم تعبوا من اللامعنى من التهميش من حكومة لا تراهم إلا أرقاما في تقاريرها الرسمية.
في خضم هذا الحراك يطلّ علينا وزير الشباب والثقافة والتواصل السيد مهدي بنسعيد بدعوة متأخرة إلى لقاء الشبيبات الحزبية دعوة بلا جدول أعمال بلا رؤية ولا حتى مضمون وكأن ثلاثة أعوام من الصمت والقطيعة يمكن اختزالها في جلسة دردشة أو صورة جماعية جديدة تضاف إلى رصيد التواصل الوزاري البارد
لكن الحقيقة أن ما يحدث اليوم ليس صدفة ولا ظرفية عابرة إن احتجاجات الشباب ليست سوى انعكاس مباشر لفشل التسيير الوزاري لقطاع كان يفترض أن يكون قلب السياسات العمومية فبدل أن يجعل من دور الشباب فضاءات للنقاش الحر والتكوين المواطني حولها الوزير إلى بنايات مغلقة أو ديكور إداري لا حياة فيه وبدل أن يعيد الاعتبار لمخيمات الطفولة والشباب كمؤسسات تربوية وثقافية جعلها مجرد مشاريع تجارية موسمية
حين يغيب الفكر السياسي عن الوزارة يتحول الفعل العمومي إلى دعايةووتصبح المقاربة الشبابية مجرد شعار للاستهلاك الإعلامي الوزير يتحدث بلغة العناوين الكبرى لكنه يجهل حقيقةً عمق الأزمة يتحدث عن الابتكار الشبابي بينما دور الشباب بلا تجهيزات وعن الإبداع الثقافي بينما الفنانون يُقصون من الدعم وعن الإعلام العمومي بينما التواصل الحقيقي مع المواطن منعدم
في مغرب اليوم الشباب لا يطلبون المستحيل إنهم يريدون فقط ما وعد به الدستور وما أكده جلالة الملك في خطبه عدالة مجالية ، تكافؤ فرص و كرامة اجتماعية يريدون دولة تصغي تحاور لا تُملي ، تحترم لا تُقصي إن ما يعانيه قطاع الشباب اليوم ليس عطباً إدارياً بسيطاً بل فشل بنيوي في تصور الدولة لعلاقتها بجيل جديد لم يعد يقبل بالوصاية ولا بالتهميش هذا الجيل لا يبحث عن مهرجانات ولا عن صور تذكارية بل عن سياسات تُعيد الثقة وتفتح أمامه أبواب المبادرة والمشاركة
لذلك، فإن دعوة الوزير للقاء الشبيبات الحزبية في هذا التوقيت بالذات ليست سوى محاولة لتجميل الخراب وتلميع واجهة مهترئة فالشباب الذين خرجوا للاحتجاج لا ينتظرون لقاءات شكلية بل ينتظرون تغييراً في منطق التسيير وإرادة سياسية تضعهم في قلب القرار لا على هامشه
إن المطلوب اليوم هو إصلاح جذري للسياسة الشبابية في المغرب برؤية يسارية جديدة تُعيد الاعتبار للثقافة كرافعة للتحرر وللشباب كقوة للتغيير لا كرقم انتخابي أو وسيلة للدعاية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.