عبر فعاليات القمة المالية الإفريقية .. “نادية فتاح” تدعو إلى نظام مالي إفريقي مستقل

0

الإنتفاضة // إلهام أوكادير

تأكيداً منها على رجاحة الرؤية المغربية بخصوص تمكين القارة الإفريقية من التحكم في مستقبلها الإقتصادي، شددت وزيرة الإقتصاد والمالية “نادية فتاح العلوي”، اليوم الاثنين بالدار البيضاء، على أن الثقة والتكامل والجرأة الإقتصادية، تعدّ المفاتيح الحقيقية لبناء سيادة مالية إفريقية، قادرة على تحويل رأس المال المحلي إلى قوة دافعة للنمو المستدام بالقارة جمعاء.

جاءت تصريحات “فتاح” خلال افتتاح الدورة الخامسة للقمة المالية الإفريقية 2025، التي دائماص ما تعرف مشاركة شخصيات إقتصادية رفيعة المستوى، وخبراء إقتصاديون في مجال التمويل والتكنولوجيا المالية، وذلك بهدف رسم ملامح نظام إقتصادي إفريقي جديد، يتميز بالإستقلالية وكفاءة.

نحو نظام مالي إفريقي أكثر تكاملا

أوضحت الوزيرة عبر ذات التصريح، أن الثقة المتبادلة بين الدول والمؤسسات والمستثمرين، تُبنى على قواعد واضحة، ترتكز على أسواق شفافة وحكامة جيدة، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن تعزيز الربط بين الأنظمة المالية الإفريقية ومواءمة القوانين التنظيمية، يمثلان خطوة أساسية لتسهيل تدفق رؤوس الأموال داخل القارة.
كما دعت بشكل صريح إلى تصميم أدوات تمويلية مستخدمة العبارة: “من إفريقيا ولإفريقيا”، مثل صناديق البنيات التحتية والسندات الخضراء، التي تُمكّن من تعبئة الموارد الذاتية التي تشتمل عليها الدول الإفريقية، وتوجيهها نحو مشاريع التنمية المستدامة التي تعطي أكلها الحقيقي عبر المدى الطويل.وفي عبارة أخرى صرحت الوزيرة “فتاح العلوي” بأن “إفريقيا تتوفر على رأس مال مالي وبشري متنوّع ومهم، لكنه لا يتحرك بالقدر الذي يكفي”، مؤكدة أن التحدي الحقيقي المطروح اليوم، هو بناء نظام مالي إفريقي متكامل يعبئ المدخرات، ويمنح فرصًا حقيقية للشركات والبنوك الناشئة في التكنولوجيا المالية، وشركات التأمين المحلية.

تجارب ناجحة تعزز الحركية المالية في القارة

كما أشارت الوزيرة لعدد من النقاط الهامة، حيث اختارت التوقف عند بعضها من المبادرات الواعدة التي بدأت تؤتي ثمارها، على سبيل النظام الإفريقي للدفع والتسوية (PAPSS)، الذي فعّل خدماته في 16 بلداً، والذي يسمح بإجراء المعاملات بالعملات المحلية، موفرةً بذلك ما يقارب 5 مليارات دولار سنوياً من تكاليف التحويل.

كما أبرزت أهمية مشروع السوق المالية الإفريقية المندمجة (AELP)، الذي يربط بين سبع بورصات كبرى في القارة، مما يفتح الباب أمام استثمارات متبادلة ويعزز جاذبية الأسواق الإفريقية.
وأفادت المسؤولة الحكومية في إحدى محاور مداخلتها أنّ قطاع التكنولوجيا المالية الإفريقية يشهد نمواً متسارعاً، إذ يُتوقّع أن تصل مداخيله إلى ما نحو 40 مليار دولار بحلول سنة 2025، مما يرسّخ مكانة القارة كفاعل أساسي في الشمول المالي العالمي.

التمويل المستدام … بوابة السيادة الإقتصادية

في هذا الشق، أكدت الوزيرة أن تحقيق السيادة المالية الإفريقية المرجوة، لا يعني بالضرورة الإنعزال عن العالم، بل إنه يهدف إلى التّحكم في المصير الإقتصادي الإفريقي وتوجيهه، واختيار الشركاء بحرية تامة، بالإضافة للمشاركة في صياغة القواعد الإقتصادية الدولية، من موقع الندّية والمسؤولية، مشددة على ضرورة إنشاء مجمعات تأمين إقليمية، تُمكّن الإقتصادات الإفريقية من مواجهة الصدمات المناخية والسيبرانية واللوجستية المحتملة، معتبرة أن إصدار سندات تنموية إفريقية موجهة لمشاريع الطاقة والمياه والتعليم، يمثل خطوة إستراتيجية هامة لترسيخ الإستقلال المالي للقارة.

المغرب.. نموذج للتكامل الإفريقي

وفي ختام كلمتها، أكدت “نادية فتاح”، أن المغرب سيواصل دعمه لمسار التكامل الإفريقي الذي لطالما دعت وسعت إليه، عبر خبرته في الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وقدرته على تعبئة الموارد المالية حول المشاريع المهيكلة و ذات التأثير الضخم، مع التزامه الراسخ بروح التضامن الإفريقي.

وقالت الوزيرة صراحة: “إنذ إفريقيا ليست بحاجة إلى منقذ، بل إلى تعبئة قواها الذاتية، واستثمار طاقات نسائها ورجالها وشبابها ومدخراتها، لتحقيق نهضتها الإقتصادية.”

أخيراص وتبعا لكلّ ما تم ذكره، نجد أنّ مداخلة “نادية فتاح” في القمة المالية الإفريقية 2025، كشفت بيقين تام أن إفريقيا تدخل مرحلة جديدة من الوعي الإقتصادي، القائم على فلسفة الإعتماد على الذات وبناء سيادة مالية حقيقية، فبين طموح الإستقلال وتحديات التكامل، تبدو القارة أمام فرصة تاريخية، لتتحول من مُتلّقٍ للتمويل إلى فاعل إقتصادي مُؤثر، يقود تنميته بأدواته وشركائه وبإرادته السيادية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.